ومَنْ يتتبَّع كتب التراث الإسلامي يجد أنَّ كتب التفسير والحديث والتاريخ زاخرة بالأمثلة الدَّالَّة على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر من مشورة أصحابه.
والشورى تكون في جميع الشئون العامة للأمَّة المسلمة، غير أنَّ الشورى لا تكون في أي قضية ورد فيها نص من القرآن الكريم أو السُنَّة النبوية.
كما إنَّه لا يجوز أن ينتهي رأي المستشارين إلى نتيجة تخالف نَصّاً من النصوص التشريعية الواردة في القرآن الكريم، والسُنَّة الشريفة.
أمَّا عدا هذين القيدين، فإنَّ كُلَّ أمر لم يرد فيه نص يمكن أن يكون محلاًّ للشورى إذا كان الأمر يتعلَّق بمسألة أو قضية تُعَدُّ من الشئون العامَّة للأمَّة.
وعملاً بتوجيهات القرآن الكريم الذي أمر بالمشاورة والحث عليها، فإنَّ الملك عبد العزيز - رحمه الله - لم يؤثر عنه أنَّه انفرد بأمرٍ من الأمور دون أن يستشير خاصّته وأركان دولته، وذوي العلم والرأي فيها، رغم ما هو معروف عنه من بعد النظر وأصالة الرأي والتفكير [٥١] .
وقد جاء في كتاب شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز تحت عنوان:"التعليمات الأساسية". أمَّا التعريف بالدَّولَة وشكلها وترتيباتها الإدارية وما إلى ذلك، فأوَّل نظام وضع لها كانت مادَّته من إملاء عبد العزيز بمكَّة في ١٦ صفر ١٣٤٥ هـ، ونشر في الجريدة الرسمية يوم ٢١ صفر، باسم التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية " ... "ونصَّت الفقرة (٢) على العبارة التالية: "الدَّولَة، دولة ملكية، شورية، إسلامية، مستقلة في داخليتها وخارجيتها [٥٢] .