للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إما للنكير عليهم في طاعة أميرهم، والطعن عليه في سيرته المرضية لغير موجب، بل بالتأويل في إحداث بدعة في الدين، كالحرورية التي أمرت الأمة بقتالها، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم مارقة من الدين. وإما لطلب إمارة من انعقاد البيعة لأمير الجماعة، فإنه نكث عهد، ونقض عهد بعد وجوبه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من جاء أمتي ليفرق جماعتهم فاضربوا عنقه كائنا من كان "، وقال صلى الله عليه وسلم:"إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما"، وقال صلى الله عليه وسلم: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه"، وفي رواية أخرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان "وفي رواية: "فاقتلوه" (١) ، وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " (٢) . قال الطبري: "فهذا معنى الأمر بلزوم الجماعة. قال: وأما الجماعة التي إذا اجتمعت على الرضا بتقديم أمير كان المفارق لها ميتا ميتة جاهلية فهي الجماعة التي وصفها أبو مسعود الأنصاري، وهم معظم الناس وكافتهم من أهل العلم والدين وغيرهم، وهم السواد الأعظم. قال الطبري: وقد بين ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فروي عن عمرو بن ميمون الأودى قال: قال عمر - حين طعن - لصهيب: صلِّ بالناس ثلاثا، وليدخل علي عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن، وليدخل ابن عمر في جانب البيت وليس له من الأمر شيء، فقم يا صهيب على رؤوسهم بالسيف، فإن بايع خمسة ونكص


(١) ينظر: في صحيح مسلم كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، ٢/١٤٧٩،١٤٨٠، رقم ٥٩،٦٠/١٨٥٢، وسنن أبي داود، كتاب السنة، باب في قتل الخوارج رقم الحديث ٤٧٦٢.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب إذا بويع لخليفتين، ٢/١٤٨٠ رقم ٦١/١٨٥٣.