واحد فاجلد رأسه بالسيف، وإن بايع أربعة ونكص رجلان فاجلد رؤوسهما حتى يستوثقوا على رجل. قال: فالجماعة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلزومها وسمى المنفرد عنها مفارقا لها، نظير الجماعة التي أوجب عمر الخلافة لمن اجتمعت عليه، وأمر صهيبا بضرب رأس المنفرد عنهم بالسيف، فهم في معنى العدد المجتمع على بيعته وقلة العدد المنفرد عنهم.
قال: وأما معنى الخبر الذي ذكر فيه أن لا تجتمع الأمة على ضلالة فمعناه أن لا يجمعهم على إضلال الحق فيما أنابهم من أمر دينهم حتى يضل جميعهم عن العلم ويخطئوه، وذلك لا يكون في الأمة"انتهى.
قال الشاطبي:"هذا تمام كلامه ـ يعني الطبري ـ وهو منقول بالمعنى وتحر في أكثر اللفظ، وحاصله أن الجماعة راجعة إلى الاجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنة، وذلك ظاهر في أن الاجتماع على غير سنة، خارج عن معنى الجماعة المذكورة في الأحاديث المذكورة، كالخوارج ومن جرى مجراهم ".
وهذا الأثر عن عمر الذي فيه، أنه قال: "فقم يا صهيب على رؤوسهم بالسيف "الخ، رواه الطبري في تاريخ الأمم والملوك، ورواه غيره بألفاظ أخرى صحيحة الإسناد، تدل على ما أراده الطبري، من الاستدلال بهذا الخبر، لما قرره من الأصح لمعنى الجماعة، منها:
رواية ابن سعد بسنده عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر، وذكر قصة قتل عمر، وفيها أن عمر قال أمهلوا، فإن حدث بي حدث "فليصل لكم صهيب ثلاث ليال، ثم أجمعوا أمركم، فمن تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه"، وصحح إسنادها الحافظ ابن حجر في موضعين من الفتح.