قيل لعبد الله بن المبارك:"من الجماعة الذين ينبغي أن يقتدى بهم"؟ قال:"أبو بكر وعمر"- فلم يزل يحسب حتى إلى محمد بن ثابت والحسين بن واقد ـ فقيل:"هؤلاء ماتوا: فمن الأحياء؟ ، قال: "أبو حمزة السكري".
ومحمد بن ثابت، والحسين بن واقد، وأبو حمزة السكري، كل منهم فرد في زمانه، وليسوا من المبشرين بالجنة، لكن يقتدى بهم، فتوفر مفهوم الجماعة في كل واحد منهم، فعين الإمام ابن المبارك كل واحد منهم بصفة الجماعة، التي يقتدى بها كل في زمانه، مما يدل على استمرار وجود الجماعة باستمرار وجود المسلمين، وأنه لابد من تعيين الجماعة ليتسنى لزومها وعدم مفارقتها.
وعن إسحاق بن راهويه نحو مما قال ابن المبارك ".
ولا يعني هذا التعيين حصر الحق والهدى والنجاة لفرد معين من هؤلاء، أو الحكم لكل واحد منهم بعينه بالجنة أو النار، كما يظنه بعض من ساء فهمه أو ساء قصده، ولم يعترض أحد من الأئمة على هذا التعيين، لأنه هو المتعين ولابد منه، فبدونه كيف تعرف الجماعة؟ وكيف يؤدى الواجب من ملازمتها، ويجتنب الحرام من مفارقتها، والخروج على طاعة إمامها؟ إنه بدون تعيين الجماعة، ينطلق المسلمون والدعاة إلى الله تعالى، من فراغ في الاعتقاد الإسلامي، ويأتون إلى الناس بجهالة وبدعة وضلالة، كما هو رأي الخوارج ومسلكهم.
إذاً: فتعيين الجماعة من ضروريات الدين، ومن أصول العقيدة، وحيث لابد من إتمامه ببيان استمرار وجودها، فإلى ذلك في المبحث الآتي.