وقوله:{حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، أي الله وحده لا شريك له، يكفيك ويكفي من اتبعك من المؤمنين.
فكانوا مؤتلفين ومجتمعين بتأليف الله بينهم بالتوحيد، اجتمعت قلوبهم وقوالبهم بذلك، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاكتملت لهم القوة في العلم والعمل، ودانت لهم العرب بهذه الكلمة، وملكوا بها العجم، كما وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم، وصاروا سادة العالم، في مشرقه ومغربه، سادوه بكلمة التوحيد، قروناً من الزمان، حتى حدث النقص في تحقيق كلمة التوحيد، في الأجيال التي جاءت بعدهم، بسبب اتباع من اتبع منهم الأهواء المخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي سبب المحدثات في الدين، التي يتعبد بها أصحابها، فحصل الاختلاف والتفرق والتقاتل والضعف بسبب ذلك.
كما روى ابن أبي عاصم من طرق متعددة، وأبو داود عن معاوية رضي الله عنه، قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فذكر:"إن أهل الكتاب قبلكم تفرقوا على اثنتين وسبعين فرقة في الأهواء، ألا وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة في الأهواء، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة، ألا وإنه يخرج في أمتي قوم، يهوون هوى، يتجارى بهم ذلك الهوى، كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يدع منه عرقا، ولا مفصلا إلا دخله "(١) . وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر "أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة -يعني الأهواء- كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة".