فوقع بسبب اتباع الأهواء كثير من أنواع الشرك في المسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم عن الخوارج:"يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أدر كتهم لأقتلنهم قتل عاد"، رواه البخاري في مواضع من صحيحه، ورواه غيره، وفي صحيح البخاري أيضا في كتاب الفتن:"باب تغير الزمان حتى يعبدوا الأوثان "وفيه حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة"، وذو الخلصة: طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية.
وبسبب وقوع هذه الأهواء الشركية في هذه الأمة، حصل تفرقهم في الدين، فصار فيهم الفشل وذهاب الريح والضعف، كما يشهد بذلك الواقع طبقا لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم ومن الأمثلة التاريخية، لما وقع في الأمة من الشرك، مثل الذي ذكره الشيخ قاسم من أئمة الحنفية، في شرح درر البحار، من النذر لغير الله، وأنه كفر، ومثل ما ذكره الأذرعي، من أئمة الشافعية، في:"قوت المحتاج شرح المنهاج"، وما ذكره أبو شامة، من أئمة الشافعية أيضا، وما ذكره الطرطوشي من أئمة المالكية، وما ذكره أبو الوفاء ابن عقيل، وابن القيم، من أئمة الحنابلة، وغير هؤلاء العلماء، كثير، كلهم صرحوا بأن الأعمال الشركية قد عمت بها البلوى، وشاعت في كثير من البلاد الإسلامية، وأن المشاهد والأبنية على القبور قد كثرت، وكثر الشرك عندها وبها، حتى صار كثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، بل أعظم شركا عندها وبها (١) .