للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرج الشيخ متوجهاً إلى الدرعية غير مرغوب فيه، ومع هذا أحسن الأمير الراشد محمد بن سعود استقباله، كما تقدم ذكره، ومشى إليه برجله، بخلاف ما تقتضيه سياسة الإمارة، لكنه آثر إحياء السنة السلفية، والسياسة الشرعية، في تعظيم العلماء لوجه تعالى فأحيا الله قلبه وشرح صدره لدعوة الشيخ، وقال له: أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعز والمنعة، فثبت الله إمارته، وأرسى له ولأولاده من بعده دعائم الإمامة والملك، قال له الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها، وعمل بها، ونصرها، ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى نجداً وأقطارها، أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم لبعض، فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون، وذريتك من بعدك) فقال له الأمير الراشد: (يا شيخ! إن هذا دين الله ورسوله، الذي لاشك فيه، وأبشر بالنصرة لك، ولما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد) ولكن أريد أن أشترط عليك اثنتين:

الأولى: نحن إذا قمنا في نصرتك، والجهاد في سبيل الله، وفتح الله لنا ولك البلدان أخاف أن ترحل عنا وتستبدل بنا غيرنا.

الثانية: إن لي على أهل الدرعية قانونا آخذه منهم في وقت الثمار، وأخاف أن تقول: لا تأخذ شيئا.

فقال الشيخ: أما الأولى: فابسط يدك، الدم بالدم والهدم بالهدم.

وأما الثانية: فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها، وتبايعا على ذلك في قصة تاريخية معروفة.

وكانت لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب جهود علمية، في ترسيخ مفهوم الجماعة، فمن ذلك قوله: