للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان هذا المعنى قد فقهه الأئمة من آل سعود، فقد سئل الإمام عبد العزيز ابن محمد بن سعود: "هل تصح الإمامة في غير قريش "؟، فأجاب: "الذي عليه أكثر العلماء، أنها لا تصح في غير قريش إذا أمكن ذلك، وأما إذا لم يمكن ذلك واتفقت الأمة على مبايعة الإمام، أو اتفق أهل الحل والعقد عليه، صحت إمامته ووجبت مبايعته، ولم يصح الخروج عليه، وهذا هو الصحيح الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة، كقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي..." (١) .

ومن يتأمل مواقف الأمير الإمام محمد بن سعود، تدله دلالة قاطعة، على رجاحة عقله وبعد نظره، وقوة إيمانه وتوكله على الله، وأن الله بفضله قد اختاره وأولاده لنصرة هذا الدين، والإمامة فيه، والتفاف الجماعة عليه، فكم ناوأه الأمراء والملوك، وجيوش الأعداء الكثيرة، وتكالبوا عليه بعد إيوائه الشيخ ونصرته دعوته، ورموه عن قوس واحدة من قريب وبعيد، فصبر على الجهاد في سبيل الله، وبذل نفسه وإمارته، وأولاده، وقتل من قتل من أولاده ورجاله، ولا يزال صابرا وفاء بالعهد وإيمانا واحتسابا لما عند الله في الدار الآخرة، خلافا لما يشيعه أعداء العقيدة الإسلامية، كذبا وزورا، من أنه ضعيف الشخصية، وأنه لا يتخذ القرار الحاسم بنفسه، أو أنه ذو أطماع سياسية، يريد الملك والاستيلاء والسيطرة، كما هو شأن أمراء العرب في عهده، ولكن الحقيقة أنه أمير راشد، وإمام فذ، ذو شخصية قوية بالله ورأي مستقل، يتمتع بمواهب سياسية وإدارية فائقة متميزة.


(١) الدرر السنية، ط /٥/١٤١٦هـ / مجلد ٩/٥ – ٧.