ثم بعد وفاة الإمام فيصل، بايع الناس ابنه عبد الله وهو أكبر أبنائه بالإمامة، ولكن لم يمض عام واحد، حتى حصل بينه وبين أخيه سعود اختلاف، فخرج سعود من الرياض غاضبا منازعاً لأخيه الإمام الأمر، فبعث الإمام عبد الله على أثره اثنين من العلماء يسترضونه، كما كتب له الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، وغيره من مشايخ الدعوة، ينصحونه بالعودة، وترك الشقاق والفتن، ولكنه أبى وأصر على المنازعة، فاستغل أعداء السنة والجماعة هذا النزاع، وانقسم الناس، وحصلت الفرقة في الجماعة، وزاد الأمر سوءا، أن تدخلت العساكر التركية من قبل والي بغداد مدحت باشا، بسبب استنجاد الإمام عبد الله بهم على قتال أخيه، فتدخلت لغير مصلحة الطرفين، وضد مصلحة أهل التوحيد، فاحتلوا الأحساء ودعوا إليها الإمام عبد الله، فلبى الدعوة وحضر ومعه أخوه عبد الرحمن وابنه تركي، فأكرموهم في الظاهر، وهم يضمرون لهم عكس ذلك، وجاء مدحت باشا إلى الأحساء، عام١٢٨٩هـ، وهم بالقبض على الإمام عبد الله ومن معه، وتسفيرهم للخارج، فهربوا إلى الرياض بحيلة، وتكالب الأعداء، وطمع ابن رشيد، فاستولى على الرياض في نهاية الأمر، تحت سيادة الأتراك، وهكذا حصل الفشل وذهاب الريح ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
موقع الدولة السعودية الثالثة من صفة الجماعة
لقد أراد الأتراك أن يذلوا الإمام عبد الرحمن بن فيصل، حتى يساعدوه على خصمه ابن رشيد، وينصبوه أميرا على الرياض، تحت ولاية الحكومة العثمانية، ويدفع لهم ضريبة الخضوع، ستة آلاف ريال سنويا، فرفض ذلك بإباء وشمم، ورأى أن من الهوان: الرضا ببقاء نفوذ هم في بلاد التوحيد، فخرج بأسرته وفيها ابنه عبد العزيز، من الرياض، عام ١٣٠٨هـ تقريبا، خرجوا لأنهم قوتلوا وأخرجوا من دولتهم وحكمهم في ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربُّنا الله.