وهذا هو سر اجتماع العرب على إمامة آل سعود من أول أمرهم، منذ أحسن الأمير الراشد محمد بن سعود استقبال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقد أخرج من العيينة وجاء إلى الدرعية غير مرغوب فيه، كما تقدم ذكره، ومشى الأمير إليه برجله بخلاف ما تقتضيه سياسة الإمارة، لكنه آثر إحياء السنة السلفية، والسياسة الشرعية، في تعظيم العلماء لوجه الله تعالى، فأحيا الله قلبه وشرح صدره لدعوة الشيخ، وقال له: أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعز والمنعة فثبت الله إمارته، وأرسى له ولأولاده من بعده، دعائم الإمامة والملك، وجمع قلوب العرب والمسلمين بكلمة التوحيد عليهم - وأجابه الشيخ وهو في حال مهاجر مستضعف، لا يملك من الدنيا شيئا، بقوله: وأنا أبشرك، بالعز والتمكين، وهذه كلمة: لا إله إلا الله، من تمسك بها وعمل بها ونصرها، ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى نجداً وأقطارها، أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم لبعض، فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون، وذريتك من بعدك [٣١] ، فقال له الأمير الراشد:(يا شيخ! إن هذا دين الله ورسوله، الذي لاشك فيه، وأبشر بالنصرة لك، ولما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد)[٣٢] .
هذا هو السر الذي وفق الله آل سعود للأخذ به، فاجتمعت عليهم الجماعة، وهو السر الذي أخذ به عبد العزيز فنجحت به جهوده في تحقيق مفهوم الجماعة، ولقد كان لدى عبد العزيز واضحاً جلياً، في قوله وعمله.