حين غاب آل سعود عن الحكم، عمت الفتنة بلاد المسلمين، واشتدت فرقتهم، ولم يعد لهم جماعة، خصوصا بعد ما أعلن الأتراك تخليهم عن مسمى الإسلام على مستوى الدولة، بعد أن كانوا قد تخلوا عن حقيقته والحكم به، وأعلنوا أن دولتهم علمانية، وزعموا أنهم ألغوا الخلافة الإسلامية، على يد زعيمهم أتاتورك.
وصار أهل الشر يحاربون أهل الإسلام الخالص، أهل التوحيد والسنة، حربا شديدة لاهوادة فيها، أحاطت بالمسلمين من كل جانب، يسيرون عليهم قوات البغي والطغيان، من جهة الحجاز واليمن، ومن جهة الشام، ومن جهة القطيف والأحساء، للقضاء على صفوة المسلمين، والقضاء على عقيدتهم الإسلامية الصحيحة، حاصروا أهل التوحيد من كل الجهات، وأرادوا القضاء عليهم باسم الإسلام، والإسلام من كل ذلك براء [٣٩] .
وأصبحت الفتنة عامة طامة، بفقد الجماعة، بالمفهوم المراد شرعا، وهو جماعة المسلمين الذين اجتمعوا على إمام بايعوه بالإمارة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والسمع والطاعة بالمعروف في المنشط والمكره، حسب القدرة والاستطاعة، إذ لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بسمع وطاعة.
لذا امتشق عبد العزيز رحمه الله الحسام، حتى لا تكون فتنة، بدءاً باسترداد الرياض وسائر المغتصبات، ودفاعاً عن المقدسات.
فجئت بالسيف والقرآن معتزما
تمضي بسيفك ما أمضاه قرآن
حتى انجلى الظلم والإظلام وارتفعت
للدين في الأرض أعلام وأركان [٤٠]
حتى أقام للمسلمين جماعتهم، بتوحيد المملكة العربية السعودية على التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وتطبيق شريعته فيها.