ولا شك أن لهذه الجزيرة العربية أهمية كبيرة ودوراً إيجابياً كبيراً في الاهتمام بالإسلام والمسلمين وما ينفعهم في دينهم ودنياهم ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، لما لهذه الجزيرة العربية من مركزية في العالم الإسلامي، بوصفها مهد الحضارة الإسلامية، وأرض الحرمين الشريفين، اللذين تتعلق بهما قلوب المسلمين أينما كانوا، الأمر الذي يجعل أثر أي تطور حضاري لهذه الجزيرة يمتد إلى بقية أرجاء العالم الإسلامي الذي كان أغلبه يعاني من وطأة الاستعمار وتسلطه وآثاره.
من هذا المنطلق كانت الملحمة التاريخية العظيمة التي صنعها الملك عبد العزيز ـ بعد توفيق الله تعالى ومشيئته وفضله ـ فوحّد هذا الكيان الكبير وأنقذه ـ بفضل الله تعالى ـ من غياهب التشتت والضياع إلى مرافئ الوحدة والأمن والأمان والرقي والحضارة المتأصلة بثوابت الدين وصدق الإيمان وركائز العلم.
ولا شك أن ذلك لم يكن ليتم لولا فضل الله تعالى ثم تمسك الملك عبد العزيز بدينه وإيمانه العظيم بالله واستعانته به ـ جلّ شأنه ـ وتطبيقه حكم الله ـ تعالى ـ وجعل دستور هذه البلاد القرآن الكريم والسنة النبوية، واهتمامه العظيم بالجانب الديني في أقواله وأفعاله، ومعاملاته، واهتمامه بالمسلمين، وتطبيقه لمنهج الإسلام عقيدةً وشريعةً وعملاً، وحبه للعلم وتقديره للعلماء، الأمر الذي مكّن له في هذه الأرض بقدرة الله تعالى وقوته.
وهذا ما سوف ألقي الضوء عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ من خلال هذا البحث الموسوم بـ:"الجانب الديني في حياة الملك عبد العزيز، وأثره في توحيد البلاد"
أسأل الله العلي القدير أن يكون هذا البحث محققاً للهدف المنشود الذي من أجله كُتب، وأن يعصمنا من الزلل في القول والعمل، وأن يرزقنا الإخلاص والتوفيق، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السيل.