والملك عبد العزيز كان يدرك أهمية الجانب الديني الذي يجب أن تحتله المملكة العربية السعودية، حيث الأماكن المقدسة لدى المسلمين عامة، مما جعلها ذات أهمية استراتيجية من خلال هذا الطابع المميز، الأمر الذي يستوجب بالضرورة أن يكون تطويره لذلك مرتبطاً أساساً بتطوير عملية أداء المسلمين لفريضة الحج وتسهيل أدائهم لهذه الفريضة، ومراقبة ما يجري في موسم الحج، لا سيما الأمور التي لا تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، أو لها مساس بالعقيدة، حيث قام ـ رحمه الله ـ بإلغاء رسوم الحج على الحجاج سنة ١٣٧١هـ، وكان لهذا القرار صداه وأثره في العالم الإسلامي آنذاك، كما قام بإنشاء مصنع كسوة الكعبة المشرفة عام ١٣٤٦هـ.
وكان الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ يدعو إلى العقيدة السلفية عالمياً عن طريق استغلال مواسم الحج في الدعوة وإيصال العقيدة الخالية من كل الشوائب إلى البلدان المختلفة عن طريق الدعوة ونشر الكتب الإسلامية وتوزيعها على البلدان الإسلامية مجاناً، وكانت له مأدبة كبرى يلتقي فيها بعلماء الدول والحجاج يتبادلون من خلالها الأحاديث المتعلقة في العقيدة والعبادة، ويدعوهم فيها إلى إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ ومن جملة ذلك خطبته ـ رحمه الله ـ في جموع المسلمين من حجاج بيت الله الحرام، حيث قال:"المسلم لا يكون إسلامه صحيحاً إلا إذا أخلص العبادة لله وحده، يجب أن يتدبر المسلمون معنى "لا إله إلا الله"يجب على الإنسان ألا يشرك مع الله في عبادته نبياً مرسلاً ولا ملكاً مقرباً، يجب أن يتبع المسلمون القول بالعمل، أما القول المجرد فلا يفيد، ما فائدة رجل يقول: "لا إله إلا الله"ولكن يشرك ما دون الله في عبادته، {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(١) .إن الإشراك مع عبادة الله كفر، وليس بعد الكفر ذنب، إن دين الله ظاهر كالشمس لا لبس فيه ولا تعقيد".