ثم ختم ذلك بقوله:"إن من أعظم الأوامر توحيد الله ـ جل وعلا ـ توحيداً منزهاً عن الشرك".
وفي هذه الخطبة يتجلى بوضوح المنهج القويم القائم على التوحيد الخالص والتحذير من الشرك، والذي كان ينتهجه الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ويدعو إليه، بل يعتبره نوره الذي يمشي به، ويدعو سائر الأمة إليه.
ومن مواقفه العظيمة في مواسم الحج، والدالة على تمسكه بالجانب الديني في أفعاله، وعدم مداهنته لأحد في أمور العقيدة، مهما كان وزنه، منعه ـ رحمه الله ـ للمحمل المصري من المجيء إلى مكة، وذلك بعد حج عام ١٣٤٤هـ، حيث كان المحمل يأتي على جمل يتهادى بين الجموع، تحيط به موسيقاه وعساكره ودباباته، فتصايح الناس:"الصنم، الصنم"وتهافتوا يرشقونه بالحجارة وهم بملابس الإحرام، وكاد ينشب القتال بين الجانبين، لولا توسط الملك عبد العزيز بين الجموع، فانكف الناس، وهدأ الوضع، وأمر الملك عبد العزيز بحجز المحمل عن الأنظار، وأصدر أمراً بمنع مجيء المحمل إلى الحج مرة أخرى، الأمر الذي أدى إلى تكدر العلاقات بين مصر والمملكة فترة من الزمن، لا سيما في عهد الملك فؤاد، وبعد أن تولى الحكم ابنه الملك فاروق سنة ١٣٥٥هـ، تحسنت العلاقات، واستمر منع المحمل المصري من المجيء للحج، لأنه بدعة في الدين، لم يكن في عهد النبوة ولا الصحابة والتابعين، ولا الدولتين الأموية والعباسية.