ولكن الهدف الديني يبدو أنه كان ضمن أهم العوامل التي كان يهدف إليها الملك عبد العزيز من هذا المشروع حيث يتمثل في تآخي هذه القبائل مع بعضها البعض تحت رابطة الإيمان والأخوة الإسلامية وتعليمهم مبادئ الدين الإسلامي الحنيف على الوجه الصحيح المستمد من كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لأن الملك عبد العزيز كان على يقين تام بأن البادية لن تستقيم أحوالها إلا بالاستقرار وتقويم ما اعوج من عادات وتقاليد لا تمتّ إلى الإسلام بصلة، فكان أن قام بهذا المشروع الذي أطلق عليه اسم (الهجر) لكونها ترتبط دينياً واجتماعياً وحضارياً بمفهوم الانتقال من حال إلى حال، وكانت أولى هذه الهجر "الأرطاوية"وهي هجرة كبيرة تقع بالقرب من المجمعة، وخُصِّصت لمطير، وتضم أيضاً عشيرة العريمات، ثم كانت هجرة الغطغط لعتيبة، ودخنة لحرب، ولينة لعشائر شمر، وغيرها، ثم توالى بعد ذلك إنشاء الهجر لتصل إلى أكثر من ١٢٢ هجرة.
وفكرة إنشاء الهجر فكرة جديدة لم يسبق أحد بها الملك عبد العزيز، وهي خطوة جريئة لم يسبق لها من قبل، فأصلح أحوالهم وأكرمهم، فاستقامت أمورهم، وأمر الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بحفر الآبار لهم، ووفر لهم آلات الفلاحة والزراعة، وجعل لقبائل البادية سجلاً في ديوانه، وسهل لكل منها سبل الاتصال به وبأمراء المقاطعات، ثم تعددت الأعمال التي يزاولها أهل الهجر إذ شملت الزراعة والصناعة والتجارة والرعي والوظائف الحكومية، بعد أن كان ليس لهم مورد سوى طريق الرعي فقط.