ومن مواقفه كذلك في هذا المجال رفضه الانضمام إلى عصبة الأمم المتحدة، وذلك لأنها قبلت الانتداب البريطاني على فلسطين، وموافقتها على وعد بلفور ـ وزير خارجية بريطانيا ـ في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، أما هيئة الأمم المتحدة فقد أسرع الملك عبد العزيز لانضمام المملكة إليها، لأن نظامها يختلف عن سابقتها، فهو قائم على الحق والعدل والسلام بين دول العالم المختلفة آنذاك.
كذلك نراه يحتج بشدة على موقف الولايات المتحدة من هجرة اليهود إلى فلسطين سنة ١٣٥٧هـ، علماً أن علاقته مع أمريكا في ذلك الوقت في أول تحسنها بعد نجاح الشركات الأمريكية في اكتشاف البترول في المملكة. ولم يهتم بتحذير بريطانيا له في أن يسلم إليهم رشيد عالي الكيلاني، لأنه عربي مسلم، التجأ واستجار بالملك عبد العزيز الذي يلتزم بالمبادئ الدينية والقيم العربية الأصيلة.
أما مواقفه من قضية فلسطين فهي أكثر من أن تذكر وأشهر من أن تنكر، ذلك أن تلك المواقف التاريخية العظيمة نابعة من تمسكه بالدين، والتزامه بالاتجاه الإسلامي القويم، والعقيدة الإسلامية الراسخة، فعندما سُئل ـ رحمه الله ـ عن رأيه في قضية فلسطين أجاب بقوله:"إنني أتمنى لفلسطين كل خير وسعادة لأنها بلد عربي، وفيها المسجد الأقصى وهو المسجد الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى"، ولكن مصيبة العرب من أنفسهم ومن تخاذلهم، والذي أتمناه أن يجمع الله كلمة العرب ليسلموا من شرور أنفسهم، فهم بتخاذلهم آذوا أنفسهم أكثر مما آذاهم الأجنبي".