وهذه الأسس والمرتكزات نلحظها من خلال رسائله وكلماته السياسية، حيث أن المملكة تتبوأ مركزاً إسلامياً رفيعاً لوجود الحرمين الشريفين في مكة والمدينة، وتطبيق حكومتها للشريعة الإسلامية، فهو يحرص على تقرير هذه الناحية في آرائه ورسائله السياسية التي يكثر فيها الوصية بتقوى الله ـ عز وجل ـ وتحكيم الشرع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحذر في تلك الرسائل من التعامل بالربا، ويحذر من النفاق والكذب، ويرد التهم الموجهة للدعوة السلفية التي تناصرها الدولة السعودية وهي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كما كان يتعهد الحرمين الشريفين بالعناية والاهتمام، وكان يحرص على مستقبل الحجاز بعد ضمه وإبعاده عن أي توجهات سياسية،هذا فيما يتعلق بسياسته الداخلية.
أما سياسته الخارجية وإبراز الجانب الديني فيها، فقد تحدثت عن شيء منها في الصفحات السابقة، لا سيما فيما يتعلق بحرصه الشديد على توحيد كلمة المسلمين ودعوته للتضامن الإسلامي وتحذيره من أعداء المسلمين داخلياً وخارجياً. ويجدر بنا أن نعرّج على بعض مواقفه السياسية الدالة على إخلاصه لدينه وأمته وشجاعته النادرة في ذلك التي أدت إلى فرض احترام زعماء العالم له واستجابتهم لمطالبه وتقديرهم لآرائه، كالرئيس الأمريكي "روزفلت"و"ترومان"الذي خلفه في رئاسة أمريكا، و"تشرشل"رئيس الوزراء البريطاني، وغيرهم، مع إقامة علاقات متوازنة مع القوى الخارجية دون غلو أو تفريط.
فنراه ـ مثلاً ـ يرفض تنكيس علم بلاده، حينما توفي الملك "جورج الخامس"ملك بريطانيا سنة ١٣٥٦هـ، وقال كلمته المشهورة "كيف ينكس علم يحمل شهادة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"واكتفى بالتعزية فقط. ورفضه كذلك إقامة كنائس في المملكة رغم محاولة مندوب البابا إقناعه بذلك وإغرائه.