إن مشروع توطين البادية يعطينا صورة واضحة عن مدى سعة أفق الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ، وبعد نظره حينما اهتم بالنواحي المدنية والاقتصادية والاجتماعية التي بواسطتها يمكن تحسين أحوال مجتمعه الذي غلبت على فئات كبيرة منه حياة البداوة.
وبفضل الله وتوفيقه استطاع الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ أن يحدث نقلة كبيرة من خلال فكرة توطين البادية، فغيّر أسلوب حياتهم من حالة التنقل إلى الاستقرار، مع الاشتغال بالزراعة وما اعتادوا عليه من تربية الماشية، وقد رضيت القبائل السكنى في تلك الهجر الصغيرة، وبنوا البيوت حول الآبار، وعملوا بالزراعة بعد أن يسر لهم الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ ما يحتاجونه من الآلات وأمدهم بالمساعدات اللازمة.
وكانت الأعمدة الأساسية لإقامة وبناء تلك الهجر هي:
١- المسجد، ٢- المسكن، ٣- تأمين الماء، ثم العامل الأهم التي قامت عليه تلك الهجر وهو مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، والسير على منهج السلف الصالح ـ رحمهم الله تعالى ـ، ويبدأ في تأسيس هذه الهجر ببناء المسجد ثم تبنى المساكن من حوله، وتتسع الهجرة بعد ذلك شيئاً فشيئاً حسب عدد سكانها.
ويتم تحديد المكان بواسطة الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ حيث يعين بقعة من الأرض تتوفر فيها المياه لقبيلة من القبائل فتنتقل إليها، وتبدأ في بناء البيوت في ذلك الموضع، وكان الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ يساعد مالياً في بناء البيوت الجديدة، فأسست أول هجرة في سنة ١٣٣٠هـ في (الأرطاوية) ، وأصبحت فيما بعد أكبر الهجر وأهمها، ثم تبعها في كل سنة هجرة جديدة لقبيلة من القبائل، حتى زادت أعدادها على سبعين هجرة، وعرف سكانها بـ (الإخوان) إشارة إلى أواصر الأخوة الإسلامية التي ربطت فيما بينهم، وروح المحبة والتعاون والتناصر التي تجمع بينهم.