الاحتراز عند كتابة الوثيقة من ذكر ما يترتب عليه فساد التصرف الذي اشتملت عليه الوثيقة الشرعية، وذلك بذكر المجمع عليه من أقوال الفقهاء وترك ما فيه نزاع بينهم، أو بذكر الراجح من المذهب، أو التعليمات والأنظمة الجاري العمل بها في الدولة التي صدرت الوثيقة فيها، وأصدرتها مؤسساتها القضائية أو الإدارية.
وهذا الشرط يبين أهمية علم الوثائق، وعظمه مسؤولية كاتبها؛ لأنه يجب عليه أن يراعي كل قيد أو شرط أو نحوهما، مما يترتب على ذكره فساد التصرف الذي كتبت الوثيقة به، فإنه يجب التحرز عنه، محافظة على صحة التصرفات الشرعية، لهذا كان من المستحسن جدّاً ألاّ يتعرض لكتابة الوثائق إلا من كان خبيراً بها، عالماً بأوجه الخلاف فيها، محيطاً بما يلزم لصحتها من شروط، مطلعاً على الأشياء التي تفسدها، خوفاً من كتابتها على غير وجهها، فيؤدي ذلك إلى فساد التصرفات المشتملة عليها، وفي هذا من الضرر ما لا يخفى على كل عاقل ومجرب ومطلع مراجع.
الشرط الثامن:
أن تكون الوثيقة مشتملة على ذكر ما يفيد صحة التصرف الذي كتب به، ونفاذه ولزومه، وخلوه مما يفسده.
لهذا نرى أن متقدمي علماء الشروط من علماء الحنفية يكتبون في وثيقة الشراء الكلمات التالية:"شراء صحيحاً باتاً بتاتاً، لا شرط فيه ولا خيار ولا فساد عدة وفاء، ولا على وجه الرهن أو التلجئة، بل بيع المسلم من المسلم".
وهذا تصرف حسن، وعمل شرعي ناجح، وفيه أخذٌ بجانب الاحتياط خوفاً من الاحتيال عليها في المستقبل بادعاء فساد العقد، أو أن الدار المباعة موقوفة مثلاً، أو غير ذلك من الدعاوى الباطلة أو الكيدية التي توقع الشقاق والنزاع بين المتعاملين، وتعطل كثيراً من الحقوق وما أكثرها اليوم!، وهذا ما جاء في بعض الوثائق النبوية وهي وثيقة شراء قال فيها:"بيع المسلم للمسلم"[١٨] ، فهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم راعى جانب الاحتياط، ولنا في رسول الله أسوة حسنة.