كان القضاء في مناطق الحجاز وعسير والأحساء يسير وفق أحكام النظام القضائي العثماني، من حيث التنظيم، أما من حيث الواقع فإن استبداد أمراء تلك المناطق، والنزاعات الحاصلة بين السلطة العثمانية الممثلة في الحاميات التركية المنتشرة في تلك الأنحاء، وبين الحكام الإداريين، ألقى بظلال من الشك والريبة، وعدم سلطة الأنظمة إلا في بعض الجوانب اليسيرة كتنظيم بيع العقار وإفراغه، ونحو ذلك.
أما غالب جزيرة العرب فهي لا تخضع لسلطان عدا بعض الإمارات المنتشرة في بعض أجزاء جزيرة العرب، كالأدارسة في الجنوب وآل رشيد في حائل بالشمال وما حولها.
وفيما يلي تلخيص لحال القضاء في الجزيرة العربية عند بدء ظهور الملك عبد العزيز رحمه الله.
(١) قضاء متأثر بالنظام القضائي العثماني في مناطق الحجاز وعسير والأحساء، والمذهب المطبق المذهب الحنفي، إلى جانب بعض المذاهب الأربعة خاصة المذهب الشافعي والحنبلي في الحجاز ونجد.
(٢) قضاء عشائري قائم على العادات والأعراف والتقاليد البدوية السائدة بينهم، وهذا النظام العرفي مطبق عند كافة قبائل الجزيرة العربية في الحجاز ونجد، والشمال والجنوب، وتقع مسؤلية تطبيقه على القاضي البدوي المشهود له بالحكمة والخبرة في العادات العرفية وضمان شيوخ القبائل في تلك المناطق.
وفي الغالب تتم العملية القضائية عند قضاء البادية بدون تسجيل، وقد يلجأ بعض القضاة إلى كتابة محضرٍ بما حصل، ويشهد عليه من حضر من زعماء القبائل، ويحتفظ به زعيم القبيلة المعتدى عليها، وقد رأيت نماذج من مثل هذه الأحكام في كتاب "فصول من تاريخ قبيلة حرب للبدراني".
يقول الأستاذ / صالح الجودي واصفاً بعض الإجراءات القضائية البدوية: