أمضى الملك عبد العزيز حوالي عشر سنوات في الكويت، وكان قد وصلها وهو في الثانية عشرة من عمره". ويرى أكثر من كتبوا عن عبد العزيز أن الكويت كانت مدرسته التي تلقى فيها فن السياسة العملية، وأن أيام الشيخ مبارك المليئة بالمناورات والمحاورات كانت تنطبع مقدماتها ونتائجها في ذهن عبد العزيز، وقد اشترك في بعضها حين أنس فيه مبارك صفات الألمعي اللبق فقربه منه وفسح له المجال لحضور مجالسه والاستماع إلى أحاديثه مع ممثلي الحكومات الإنكليزية والروسية والألمانية والتركية".
"كانت ألمانيا تسعى بساستها ورجالها إلى مدّ السكة الحديدية من الآستانة إلى الخليج، وتطمع في الحصول على الامتياز من حكومة الباب العالي، وكانت روسيا تحاول أن تجعل الكويت محطة من محطات الفحم وأن تحصل بدورها على امتياز مد سكة حديدية بين البحر الأسود والخليج. أما إنجلترا فكانت تخشى على نفوذها في الهند وممتلكاتها في الشرق من المزاحمة الألمانية".
هذه الألوان من الصراع الداخلي والدولي، علّمت عبد العزيز الكثير مما مكنه فيما بعد من استعادة ملك آبائه، ومن التعامل مع الإنجليز والحفاظ على حياده واستقلاله وحماية بلاده من ألوان الحماية التي فرضتها بريطانيا فعلاً على دول الخليج العربية، ودبلوماسية عبد العزيز واتفاقياته الدولية، وما بذله من تفاوض وتحليل للألفاظ والبنود تدل كلها على أن الملك قد أحسن الاستفادة من دروس الشباب في مدرسة الواقع والصراع الدولي.