للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في صورة أدبية أخاذة يصور لنا الزركلي بداية دخول الملك عبد العزيز لتلك المدرسة القاسية التي استمد منها الكثير من قوته، ومارس فيها الكثير من انتصاراته: "في النصف الأخير من رمضان ١٣٠٨هـ (١٨٩١م) كانت قافلة عليها مظاهر النعمة والقوة، تضرب في الصحراء. خرجت مشرقة من الرياض في ميل قليل إلى الشمال، وعلى بعير منها فتى في الخامسة عشرة من عمره عليه "صمادة"بيضاء مطرزة، لف بكساء أشبه بالخرج، وهو يسأل: في أي أرض نحن؟ ويجاب: نحن في الدهناء يا عبد العزيز" (١) .

وهكذا بدأت تجربة الشاب مع تلك المدرسة التي وجد نفسه فيها مع عائلته يتحمل مسئوليات الغزو، ويدخل في المفاوضات، ويقوم بالسفارات، ويألف خشونة العيش، ويختبر تقلبات الزمن وطباع الناس.."وفيما بين هذا اليوم من عام ١٣٠٨هـ، وليلة ٥ شوال ١٣١٩هـ وهي ليلة فتح الرياض كان الشاب يتعلم من مدرستين معاً، مدرسة الدهناء، ومدرسة الصراع الدولي في دولة الكويت ... وفي المدرسة الأولى عرف مسالك الصحراء ومجاهلها ومتاهاتها ومواقع الماء وما يصلح للمأوى، وازداد خبرة بنفوس القبائل وفهماً لرغباتها وميولها"، وأصبح خبيراً بلهجاتها وأنسابها قادراً على أن يسوسها وأن يوحدها ... لقد كانت مدرسة الصحراء مدرسة كبيرة للملك عبد العزيز ظل يواصل الدراسة فيها طوال حياته، فقد كان دائماً يحيط نفسه في رحلاته وغزواته بالخبراء الأدلاء العارفين بالصحراء". كما كان تعليمه الذي تلقاه في هذه المدرسة أساساً لحركاته الإصلاحية ولتكوين جيشه المجاهد. وظل يرعى البادية والبدو طوال حياته وكانت"شعبة البادية وداخلية نجد، من شعب بلاطه الملكي الهامة ".

٢) مدرسة الواقع والصراع الدولي:


(١) خير الدين الزركلي، شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز ص٥٧ مرجع سابق.