وتلك مدرسة أخرى تخالف في طبيعتها وجوهرها مدارسه الأولى بما فيها من قسوة وضراوة، وترتبط ارتباطاً تاريخياً وثيقاً بمدرسة التراث التي تلقى فيها دروس أبيه وتاريخ أسرته، هذه المدرسة هي مدرسة العلوم الشرعية على أيدي علماء من آل الشيخ الذين ارتبط تاريخهم بتاريخ أسرة الملك عبد العزيز منذ بيعة الدرعية التاريخية. لقد تلقى في هذه المدرسة علوم الدين عن أهلها، ودرس فيها التوحيد والجهاد تحت رايته، وعلّمته معنى الدولة وطرق تحقيقها وتنفيذها، لقد كانت مدرسة جعلت منه زعيماً عربياً إسلامياً فريداً في التاريخ الحديث.
وإذا كان تاريخ هذه المدرسة قد ارتبط بتاريخ أسرته منذ الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فإن علماء آل الشيخ ظلوا بعلمهم وبما أقاموه في منازلهم وفي جوامعهم أو مساجدهم من دور للتدريس تحت رعاية آل سعود وحمايتهم، مدرسين كراماً لأبناء العائلة السعودية وأبناء أمتهم على السواء.
ومنذ طفولة الملك عبد العزيز وضعه أبوه تحت رعاية الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف الذي أعدّ كراسة صغيرة خصيصاً للأمير الطفل لتعليمه أصول الفقه والتوحيد.
٣) مدرسة التاريخ:
يذكر أمين الريحاني أن الملك عبد العزيز كان عارفاً بالمصادر الأساسية لتاريخ أسرته، وخاصة كتابي روضة الأفكار لحسين بن غنام، وعلو المجد في تاريخ نجد لعثمان بن عبد الله بن بشر بعد طباعتهما. فقد أرسلهما للمؤرخ أمين الريحاني لاطلاعه وعلمه بتاريخ الأسرة السعودية وتاريخ نجد وتاريخ الدعوة السلفية. كما أنه اهتم بأن يكلف المؤرخ الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى أن يضع كتابه عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر وأول القرن الرابع عشر. وبذلك يمكن القول: إنَّ الفضل في ظهور هذه المصادر الأساسية الثلاثة عن تاريخ نجد إنما يرجع إلى الله، ثم للملك عبد العزيز.