للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ذلك: تفهمون ان الله سبحانه وتعالى قد أنعم علينا بنعمة الإسلام ومنّ علينا بأن جعلنا من أهله. ولا يخفى عليكم ما مضى عليه أسلافكم من الأعراب من انحرافهم عن الدين والتقيد بشريعة سيد المرسلين، بما يأتونه من ارتكاب الأمور التي تغضب الله ورسوله، ومن استحلال الدماء ونهب الأموال وترك فرائض الإسلام، فأنتم اليوم لما إن الله جل شأنه مَنّ عليكم بهدايته لكم على دينه القويم وجب عليكم أن تقيدوا تلك النعمة بالشكر له تبارك وتعالى. وأعظم الشكر لله هو اتباع أمره واجتناب نهيه، على وفق ما جاء به نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، وان لا تحيدوا عنه ذات اليمين وذات الشمال، فتكونوا من الهالكين. إنى إريد أن أشرح لكم حقيقة ما نحن عليه من العقيدة في الدين، التى أشار إليها العلماء في جوابهم السابق في هذا المجلس، فاسمعوا واحفظوا عني ما أقوله لكم تنجوا من المهالك. إن أصل الدين كتاب الله تعالى، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان. فهم السلف الصالح ثم الأئمة الأربعة من بعدهم، أبوحنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم، وعن سلف الأمة من الصحابة ومن تبعهم إلى يوم القيامة، فإن هؤلاء الأئمة المقتدى بهم عند جميع المسلمين من اهل الكتاب والسنة فإنه لا خلاف بينهم في أصل الدين، من توحيد الله تعالى في ربوبيته وفي الوهيته وأسمائه وصفاته وهذا الحمد لله ثابت في كتبهم الموجودة بين أيديكم، وإن حصل بينهم اختلاف في الفروع، فما ذاك إلاَّ من شدة حرصهم وتمسكهم بكتاب ربهم، وما صح عن نبيهم صلى الله عليه وسلم واستخراج معانيهما، كل منهم على قد ما آتاه الله من العلم والفهم في دينه، وكلهم إن شاء الله تعالى على حق، ومن سلك طريقهم وحذا حذوهم إلى يوم القيامة، فهذا الذى ندين لله به، وهو اعتقادنا نحن واعتقاد مشايخنا وأسلافنا وهو الصراط المستقيم،