والميزان العدل، فمن استقام عليه فهو المتبع المهتدى ومن حاد عنه وهو جاهل فيجب عليه الرجوع والتوبة إلى الله تبارك وتعالى، ومن خالفه معتقدا بطلانه فهذا ليس على شيء من الدين، لا أصله ولا فرعه، نعوذ بالله من ذلك، ولا يقال عن هذا انه مكذب للمشايخ، بل مكذب لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وان من حضر منكم هذا المجلس المبارك، وسمع كلام العلماء بغير واسطة، فقد قامت عليه الحجة، وليس هو بمعذور بما يأتيه من المخالفة وعلى الشاهد أن يبلغ الغائب، وإني أحذركم من التفرق في الدين وتتبع الخلافات فيه، فإن هذا من أعظم أسباب الهلاك، وإنكم في زمن قد تشعبت فيه الأمة الإسلامية وكثرت فيها الفرق وفشت فيه البدع، ودنس وجه الدين بما ليس منه، وكثرت فيه شبه الضالين المضلين، غير إنه بحمد الله لم يخل زمان من قائم لله في أمر دينه ينفى عنه غلو الغالين وانتحال المبطلين، أولئك هم علماء الدين، وهم ورثة الأنبياء وهم الحافظون لدين الله تعالى، حيث أقامهم لذلك {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وكل يدعى إنه القائم لله بحفظ دينه، ولكن ميزان العدل في ذلك هو اتباع هذا النبي الكريم:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} إني أرشدكم إلى أعظم قائم لله تعالى في نصر دينه، بعد الأئمة الأربعة رضي الله عنهم، وذلك بعد أن كثرت الملل والنحل، وتشعبت الأهواء، وتفرق الناس شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون، ذلك: هو شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه الإمام محمد بن قيم الجوزية - رحمهما الله تعالى، ومن هو على طريقتهم في الدعوة والتحقيق إلى يوم القيامة، فقد قام هذان الشيخان بما أوجبه الله على العلماء من بيان الحق، وعدم كتمانه، ولم تأخذهما في الله لومة لائم، فقد توفى الشيخ ابن تيمية رحمه الله بينما كان محبوسا في قلعة دمشق، وما ذنبه إلا بيان الحق والدعوة إليه وإبطال ما خالفه