ومن هنا نلمح اقتران ذكر الصلاة بالزكاة في أكثر الآيات التي أمرت بالزكاة. ويأتي الأمر بالزكاة بعد الأمر بالصلاة، قال الله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[٤٩] ، {وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ}[٥٠] ، {وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ}[٥١] .
والصلاة بعد ذلك أقوالٌ وأفعالٌ مخصوصة، تصوم فيها نفس الإنسان وجوارحه عن جميع المخالفات التي تفسد تمامها وكمالها.
ويتوجه المصلي في صلاته شطر المسجد الحرام، قال -تعالى-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[٥٢] . وهو في أداء هذا الركن من الصلاة بتوجهه إلى
البيت، يشترك مع ركن الإسلام الحج من طرف.
٨ - والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهي تعالج النفس البشرية من نوازع الشر حتى تصفو من الرذائل، ويبتعد صاحبها عن كُلِّ منكر. قال -تعالى-: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[٥٣] .
٩ - وللصلاة آثارٌ تربوية، فهي تربي النفس على طاعة الخالق، وتعلِّم العبد آداب العبودية، وواجبات الربوبية، بما تغرسه في قلب صاحبها من قدرة الله وعظمته، وبطشه وشدته، ورحمته ومغفرته.. كما تحليه وتجمله بمكارم الأخلاق لسموها بنفسه عن صفات الخسة والدناءة، فإذا فتَّشْتَ عن آثار الصلاة فيه وجدته صادقاً أميناً متواضعاً عدلاً. ينأى عن الكذب والخيانة والطمع والغدر والكبر والظلم [٥٤] .