للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعندما يتجه المصلون في أنحاء الدنيا إلى القبلة، يشعر المسلم بالتآلف والوحدة، ونبذ الفرقة. فكلُّ المسلمين عبيدٌ لله، إلههم واحد، وقبلتهم واحدة، ودينهم واحد. لا فرق بين غني وفقير، وعظيم وحقير. يتوخى المسلم الاستقامة في استقبال بيت الله، فلا يحيد ولا يميل، وبذلك يتربى على العدل في جميع أمور حياته، والحكمة بوضع كل شيىء موضعه.

يعيش آلام إخوانه المسلمين جماعة المسجد وآمالهم، فيصبح عنصراً فعالاً في جماعته ومجتمعه، تعوِّده الصلاة على الدقة في الموعد، والحرص على الوقت. تنظم له أوقاته فيتعوَّد على النظام في جميع أموره، ويتبع الإمام، فيتدرَّب على الطاعة والالتزام [٥٥] .

١٠ - والصلاة أهم ركن في الإسلام بعد الشهادتين، وأول ما يحاسب عليه العبد. ولهذا نجد القرآن الكريم يصور حال أهل النار عندما يُسْأَلُون عن سبب ما هم فيه من عذاب فيقولون: لم نكن من المصلين. قال -تعالى-: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [٥٦] .

فالصلاة أول عمل كفر به أولئك المكذبون. وأول ما يندمون على تضييعه يوم القيامة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإنْ صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله" [٥٧] .

ولما للصلاة من الفضل العظيم بعد الشهادتين، كانت آخر وصية أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّته، فعن أم سلمة رضي الله عنها [٥٨] قالت: "كان من آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم" [٥٩] .

والصلاة آخر ما يفقد من الدين؛ فإذا ضاعت ضاع الدين كله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" [٦٠] .