وهكذا كان للملك عبد العزيز يد طولى في تنظيم تنصيب الأئمة والخطباء للوعظ والإرشاد وإمامة الناس في الصلاة. وقد أصبحت الإمامة وظيفة ثابتة لها مخصصات وعليها واجبات، مِمَّا مكَّن من تحقيق أهداف المسجد وأهمها الدعوة إلى الله تعالى بالعبادة والتوجيه في عصرٍ أصبح لا يكفي فيه الاعتماد على الأعمال التطوعية [٦٢] .
والمهم هو عبادة الله على الوجه الذي شرعه الله حتى تتحقَّق الغاية التي من أجلها شُرِعَت، ولن يكون ذلك إلاَّ مِمَّن علم ما تصح به، وما هو روحها ولبها [٦٣] .
ولا شكَّ أنَّ هذه الأمور التي قام بها الملك عبد العزيز، مِمَّا يساعد على حضور قلوب المصلين وخشوعهم في صلاتهم، وقد قال الله -تعالى-: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون: ١-٢] .
المطلب الثالث: اهتمامه بالدعامة الثانية (إيتاء الزكاة) :
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: اهتمامه بالهدف العام لهذه الدعامة، وهو تحقيق الأخوة الإسلامية:
من الأمور التي يتميز بها الملك عبد العزيز - رحمه الله - أنَّه يسير على منهج واضح مبني على أصول ثابتة مستمدة من كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم وما فهمه السَّلف الصالح منهما.
وقد وصف الملك عبد العزيز بأنَّه داعية عقيدة ومنفذ شريعة.
وقد سبق أنَّ من أهداف الدعامة الثانية للتمكين في الأرض وهي
(إيتاء الزكاة) الاعتصام والالتفاف حول المنهج أو حول الإسلام الذي تضمنته الدعامة الأولى (إقام الصلاة) وأن لا يكون نفع المؤمن مقصوراً على نفسه وحسب.
وكل مؤرخ منصف أمين راسخ في العلم في التاريخ الحديث والمعاصر لا يستطيع أن يصف الملك عبد العزيز إلاَّ أنَّه من أعظم دعاة الوحدة التي دعا إليها الإسلام. ومن أعظم محققيها في العصر الحديث. وكما أنَّه استمد منهج العقيدة والشريعة من الإسلام، فكذلك استمد منهج الوحدة من الإسلام.