قضى الملك الإمام عبد العزيز -رحمه الله- عمراً مديداً مباركاً في زراعة بذرة الوحدة، وسقيها بالإيمان والجهاد، حتى أينعت ثمارها وحان قطافها بالأمن والأمان، والسعادة والاطمئنان، وفي رحلته السنوية التي اعتاد قضاءها في الربوع المقدسة، لرعاية الحجاج من قرب، قعد به المرض في مدينة الطائف قبل أن يبلغ وجهته، مما اضطره إلى إنابة ولي عهده الملك سعود -رحمه الله- للذهاب إلى مكة في موسم عام ١٣٧٢هـ، بينما اشتدت وطأة المرض عليه، وفي صبيح الاثنين ٢ ربيع الأول سنة ١٣٧٣هـ انتقل إلى جوار ربه ونقل بالطائرة إلى الرياض ودفن بها [١٠]-رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عن المسلمين والإسلام خير الجزاء-.
أهلية أسرة الملك الإمام وخصائصها الوحدوية:
لم تكن أسرة الملك الإمام عبد العزيز – رحمه الله – غريبة على سكان الجزيرة العربية، فهم من بني جلدتهم، وبضعة من لحومهم ودمائهم، يتقاسمون بينهم الآلام والآمال، وتاريخهم شاهد على نزاهتها من النقائص، واستعلائها على الأهواء والأطماع، فليس لحي من أحياء العرب من الحظوة والمكانة القيادية ما لأسرة الملك الإمام، وذلك للأسباب التالية:-
١ – تجذر الملك والحكم في أصولها، فلم يكونوا حديثي عهد بملك، بل أخذوه كابراً عن كابر، يقول الملك الإمام:"أنا عربي من خيار الأسر العربية ولست متطفلاً على الرئاسة والملك، ولست ممن يتكئ على سواعد الآخرين في النهوض والقيام، وإنما اتكالي على الله، ثم على سواعدنا يتكئ الآخرون ويستندون إن شاء الله"[١١] .
ومن عادة العرب أنها لا تنسى مآثر ذوي المكرمات وتعرف لذوي الهيئات منازلهم مهما تعرضوا للنكبات وطوارق المدلهمات، فسرعان ما تلتف حولهم الخاصة والعامة، عند أول بادرة نهضة ويقظة وهدة، كما هو حال تاريخ أسرة الملك الإمام.