للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من البدهي أن يكون تطبيق الشريعة، قاعدة أساسية في منهج الملك الإمام عبد العزيز رحمه الله في سبيل جمع فلول أمته على مائدة أحكام الشريعة، التي يتفيؤُ الجميع ظلال عدالتها وبركة قسطاطها، ليغدوا أخوة متحابين، تسودهم المودة، وتغشاهم المحبة وتلك نتيجة طبيعية للعلاقة الوطيدة بين الشريعة والعقيدة في نفس الملك الإمام، فإن تمكنها في نفسه وسريانها في روحه ودمه، استلزم حتماً تطبيقها بمفهومها الشامل، ليقينه بعدالتها المطلقة، وضرورتها الملحة في إزالة أسباب الجفوة بين أفراد شعبه، وكفالتها بإزاحة العوائق أمام الوحدة الكبرى لبلده، فبدأ بنفسه، يقول الملك فيصل رحمه الله: "إن والدي لا يفرق بيننا وبين أبناء شعبه، وليس للعدالة عنده ميزانان، يزن بأحدهما لأبناءه، ويزن بآخر لأبناء الشعب فالكل سواء عنده والكل أبناؤه" [٢٩] وتلك آية حرصه على تكامل حلقات الإصلاح، وسد ثغراتها، مما يؤدي إلى تحقيق العدالة، وتقوية البنية الاجتماعية ولذا نراه يؤكد على هذا المعنى بقوله: "لا يدوم الملك إلا بدولة عادلة" [٣٠] فلم يكن -رحمه الله- رجل دولة محنكاً، أو قائداً عسكرياً مظفراً فحسب بل جاوز ذلك إلى داعية مخلص، ومصلح اجتماعي متنور، وعالم إسلامي متمكن، جعل من تطبيق الشريعة الإسلامية غاية وهدفاً لتحقيق الأهداف السامية، والإصلاحات العظيمة. يقول -رحمه الله-: "إن اعتصامي بالله وسيري على الطريقة المحمدية واقتدائي بعلماء المسلمين يدعوني إن شاء الله تعالى لعدم الجموح بالنفس وقد عاهدت الله على ثلاث:

١ – الدعوة لتعلم التوحيد، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل.

٢ – الأخذ على يد السفيه وتحكيم السيف فيه.

٣ – الإحسان إلى المحسن والعفو عن المسيئ " [٣١] .