فصاح الملك الإمام في وجهه قائلاً:"تخسأ – تخسأ"ولمح في المجلس أحد طلبة العلم فقال: "علمه التوحيد"[٢٥] وقد اقترن قوله بفعله في تربية شعبه على التوحيد، فمكنه من قيادة الإصلاح في جميع نواحي الحياة، وسخر العلم لتوجيه الناشئة من صغرهم، ليتولى العلماء تدريسه في حلقاتهم ودروسهم، ويطبقه القضاة في محاكمهم، ولم يحاب فيه أحداً كما تقدم. فحلت العقيدة الصحيحة في قلب الملك الإمام وسياسته موضع الاهتمام البالغ والتحكيم الحازم، وعلى فلكها يدور منهجه، وجهاده وإصلاحه غير آبه لمعارضتها أو مجامل لمخالفتها، مهما كانت المكاسب يقول الدكتور عبد الله التركي -حفظه الله-: "عرف عن كثير من الساسة الذين يهمهم المكسب السياسي فحسب – أنهم يعاملون الناس ويداهنون العامة في أمور العقائد بل إنهم من يشارك العامة في خرافاتها ووثنياتها رغبة في السلطة وطلباً للتأييد، وكان من مقتضيات المجاراة العرفية في منطق السياسيين الذين يضحون بالعقيدة من أجل أهدافهم السياسية أن يجاري الملك عبد العزيز بعض الأعراف وطوائف البدع والخرافات التي تنال من جلال التوحيد، ولكنه لم يفعل لأن التوحيد أعلى وأسمى وأعظم من أي اعتبار آخر، بل فعل ذلك حيث عقد العزم على تطهير الجزيرة من كل عرف أو تقليد أو عادة أو خرافة تفسد على الناس توحيدهم الخالص، وهذه طريقة لا يستخدمها في الانتصار للعقيدة إلا داعية موحد لا يقايض على التوحيد بشيىء "[٢٦] لقد جعل الملك الإمام الاهتمام بالعقيدة أصل الأصول أساساً للحكم ووصية لعقبه من بعده ففي وصيته لولي عهده يقول فيها: "تعقد نيتك على نية صالحة، وعزم على أن تكون حياتك وأن يكون دينك إعلاء كلمة التوحيد"[٢٧] وليس ثمة وصف يصح إطلاقه على جهود الملك الإمام سوى تلك المقولة التي قالها الملك الإمام "أنا داعية أدعو إلى عقيدة السلف الصالح"[٢٨] .