المسلمين، وتحت سلطان الشريعة وقوتها استوى الشعب السعودي في الحقوق والواجبات، واستبدل بالثأر القبلي، الحد الشرعي، وبالسلوم والأعراف، أحكام الشرع الحنيف، ورضي الجميع بحكم الله، فساد الأمن وطهرت البلاد من الفتن، وضربت المملكة مثلاً في الأمن يؤتسى، وأسوة في العدل تقتدى.
المبحث الثالث: القيام بحقوق الرعية:
إن شعور المصلح الحق، بمعاناة الناس، وسعيه في حاجاتهم آية بينة على صدقه، وبلوغه درجة الاشتقاق، التي ميزت أولي الهمم العالية الذين أفنوا حياتهم في خدمة البشرية، وليس من شك أن التفاف الشعب حول الملك الإمام عبد العزيز – رحمه الله – لم يكن من فراغ، أو نتيجة حملهم قسراً أو ساقهم إليه بعصاه، بقدر ما عرفوا عنه الاهتمام البالغ بمشكلاتهم وسعيه الحثيث في خدمتهم، وكفاية حاجاتهم، فنظروا إليه والداً حنوناً لصغيرهم وأخاً شفيقاً لكبيرهم، فأطعم جائعهم وكسا عاريهم، وداوى مريضهم وأمن خائفهم فقد كان يبادر إلى ما في خزائنه الخاصة وخزائن الدولة من مال فيأمر بالإنفاق منه على إطعام القبائل المجدبة أرضها وعلى الأفران تمون بالدقيق لتوزيع العيش (الخبز) على أهل المدن مجاناً، وكان يقول -رحمه الله-: "إنما يهمنا توفر الراحة والاطمئنان لرعايانا"[٣٦] واستطاع بفضل الله أن يخرج شعبه من ظلمات الجهالة المطبقة، والغفلة المستحكمة إلى نور العلم والهداية، ومن براثن التخلف إلى مراقي التقدم والحضارة، ومن سغب الجوع ورقة الحال إلى بحبوبة العيش والحياة الكريمة اللائقة بالإنسان. لقد أدرك الملك الإمام أن حياة الناس واجتماعهم، لا تستقر في بيئة ينهش المرض فيها أجسادهم، ويطوي الجوع أحشائهم، ويسم الفقر حياتهم فنذر نفسه لخدمتهم شعوراً بالواجب والتزاماً بالمسؤولية يقول –رحمه الله-: "إن خدمة الشعب واجبة علينا لهذا نخدمه بعيوننا وقلوبنا، ونرى أن من لا يخدم شعبه ويخلص له فهو ناقص"[٣٧] ولم يقتصر خيره على شعبه بل سرى إلى