ولاشك أن نصب ولاة التوثيق وكتاب العدل وغيرهم من الولاة من تصرفاته صلى الله عليه وسلم بموجب منصب الإمامة وهذا ما ذكره العلماء، وبه ضرب المثال الإمام القرافي بعد أن ذكر القاعدة الماضية فذكر المثال على تصرفاته بموجب منصب الإمامة فقال، "مثل بعث الجيوش لقتال الكفار والخوارج ومن تعين قتاله، وصرف أموال بيت المال في جهاتها، وجمعها من محالها، وتولية القضاة والولاة الولايات العامة..، عُلِم أنَّه تصرف فيه صلى الله عليه وسلم بطريق الإمامة دون غيرها"[٥٦] .
وأول من قام بنصب ولاة التوثيق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من الكتبة، لهم اختصاصات متعددة.
وقد نص أهل التاريخ على أن من هؤلاء الكتاب من خصه النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة الديون والبيع والشراء ونحو ذلك من الاختصاصات والمهام المناطة بولاة التوثيق، قال الإمام القضاعي بعد أن ذكر بعض كتاب النبي صلى الله عليه وسلم واختصاصاتهم ومهامهم الكتابية ما يلي:"وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان المداينات والمعاملات"[٥٧] .
فتبين من خلال هذا النص أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم خص بعض كتابه من الصحابة بهذه الولاية الجليلة فعهد إلى المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير أن يقوما بكتابة المداينات والمعاملات الجارية بين أهل المدينة القاطنين فيها، أو الطارئين عليها، وهذه الوظائف التي أسندت إليهم هي الوظائف التي يقوم بها اليوم كتاب العدل في عصرنا الحاضر.