وتوفير حياة الأمن والاستقرار للبشرية عامة, وأنها أسس صالحة لأرقى مدينة تتطلع إليها الإنسانية.
وقد يقول قائل: إذا كانت التعاليم الإسلام كافية في إصلاح البشرية وشفائها, فلماذا نرى أثرها قد تخلف عنها؟ ولهؤلاء أقول: ليس العيب عيب الشريعة, ولكن الوزر كل الوزر على الذين انحرفوا عنها, وعادوها وظنوا جهلا منهم أنها تقف بعيدا عن مقتضيات الرقي الصحيح, ومع ذلك لازالوا يتسمون بأسماء إسلامية, ويحسبون في عداد المسلمين, ومثل الشريعة الإسلامية للبشر مثل الدواء الشافي يصفه الطبيب الماهر للمريض, ولكن المريض لا يتعاطاه تهاونا منه, فلا يكون العيب إذن عيب الطبيب, ولا عيب الدواء, ولكن العيب كله عيب المريض المتهاون في تعاطي الدواء.
ويزداد الأمر وضوحا لهؤلاء أن نذكّرهم بحال الأمة الإسلامية في صدر الإسلام, وما بلغته من مجد, وما بهرت به العالم من نهوض علمي واجتماعي في زمن وجيز لا يزال مثار عجب العلماء والفلاسفة, ومحل بحثهم, وليس له من سر في حقيقة إلاّ أن أولئك المسلمين السابقين أخلصوا لدينهم, وأخذوا بأحكامه وآدابه بجد وإيمان, فقادهم إلى مواطن المجد وأنزلتهم منازل السيادة والعز {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ, يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِه, ِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .