للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتناولت تعاليم الإسلام حياة الإنسان جاهلا ففرضت عليه أن يتعلم من العلم ما يحتاج إليه في شؤون دينه ودنياه, وتناولته عالما, ففتحت له أبواب العلم على مصارعها ليعرف أسرار الله في خلقه, وليستنبط من هذه الأسرار المبادئ العلمية الصحيحة التي تسهل لله سبل العيش, وترفه عليه وسائل الحياة, وأغرته بالاستزادة من العلم {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} , {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} , وتناولت تعاليم الإسلام حياة الإنسان في بيعه وشرائه ومطعمه وملبسه وحديثه وحركاته وسكناته, ووضعت له فيها جميعا أسمى مبادئ اللياقة والذوق, وهكذا لم يترك الإسلام شاردة ولا واردة إلاّ تعهدها ووضعها, بحيث تكفّل سعادة الإنسان وهناءه, فالصلاة مثلا حيث يقف العبد أمام رب العالمين يناجيه, فبين الفينة والفينة مجبور على أن يتذكر أن له ربا يراقبه على حركاته وسكناته, يراقبه على أعماله صغيرها وكبيرها, عظيمها وحقيرها, {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم} , فكيف يكذب؟ أم كيف يخون؟ أم كيف يسرق؟ أم كيف يغش؟ أم كيف يتغافل عن الواجب الملقى على عاتقه؟ وهكذا فالصلاة وحدها جعلت من الإنسان ملكا من الملائكة {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر} , ناهيك عن المساواة التي في الصلاة حيث عجزت عنها أعظم النظم الحديثة, فيسجد الغني والفقير والعظيم والكبير والحقير والصغير والجندي إلى جانب القائد, ليس هناك رأس مرتفع على رأس, بل كلها خاضعة لله وحده, ويقفون بجانب بعضهم, ليس هناك أمكنة مخصصة لأناس (من لا يخضع للخالق يخضع لأحقر مخلوقاته, ومن يخضع للخالق تتلاشى في عينيه قدرة المخلوقات) , فهذا عرض موجز لبعض التعاليم الإسلام في بعض شئون الحياة, وليس من المستطاع عرض كل ما احتوته الشريعة الإسلامية في هذه النواحي وفي غيرها, ولكن من المستطاع أن نقول إنها كلها على هذا النمط من السمو, وأنها تهدف إلى سعادة الفرد والمجتمع,