ويؤكد لنا ذلك المهتدي السموآل بن يحيى المغربي (المتوفى سنة ٥٧٠هـ) - وكان من أحبار اليهود فأسلم - في كتابه (إفحام اليهود) في بيانه لحقيقة التلمود بقوله:
((وكانت اليهود في قديم الزمان تُسمي فقهاءها بالحكماء، وهم الذين يدعون (الحاخاميم) ، وكانت لهم في الشام والمدائن مدارس، وكان لهم ألوف من الفقهاء، وذلك في زمان دولة النبط البابليين، والفرس، ودولة اليونان، ودولة الروم، حتى اجتمع الكتابان اللذان اجتمع فقهاؤهم على تأليفهما، وهما (المِشْنا، والتلمود) .
فأما المِشْنا، فهو الكتاب الأصغر، وحجمه نحو ثمانمائة ورقة.
وأما التلمود، فهو الكتاب الأكبر، ومبلغه نحو نصف حمل بَغْلٍ لكثرته، ولم يكن الفقهاء الذين ألّفوه، في عصر واحد، وإنما ألّفوه في جيل بعد جيل.
فلما نظر المتأخرون منهم إلى هذا التأليف، وأنه كلما مرّ عليه جيل زادوا فيه، وأن في هذه الزيادات المتأخرة ما يناقض أوائل هذا التأليف، علموا أنهم إذا لم يقطعوا ذلك ويمنعوا من الزيادة فيه، أدى إلى الخلل الظاهر والمتناقض الفاحش، فقطعوا الزيادة فيه، ومنعوا من ذلك، وحظروا على الفقهاء الزيادة فيه، وإضافة شيء آخر إليه، وحرّموا من يضيف إليه شيئاً آخر، فوقف على ذلك المقدار" [٥١] .
ثم قال أيضاً: "ثم إن اليهود فرقتان:
إحداها: عرفت أن أولئك السلف الذين ألّفوا (المشنا) و (التلمود) وهم فقهاء اليهود، قوم كذّابون على الله تعالى وعلى موسى النبي (عليه السلام) ، أصحاب حماقات ورقاعات هائلة!!
من ذلك، أن أكثر مسائل فقههم ومذهبهم يختلفون فيها، ويزعمون أن الفقهاء كانوا إذا اختلفوا في كل واحدة من هذه المسائل، يوحي الله إليه بصوت يسمعه جمهورهم، يقول:(الحق في هذه المسألة مع الفقيه فلان) ، وهم يسمون هذا الصوت (بث قول) " [٥٢] .
أما عن تلمود أورشليم، فيقول محرر دائرة المعارف اليهودية العامة: