إن قضية الضرورة وما أثارته من اهتمام لدى العلماء تعتبر أحد الموضوعات التي استهوت عدداً غير قليل من الدارسين، وشغلت أذهان الكثير من القدماء، والمحدثين وذلك للعلاقة المتينة بين اللغة والشعر؛ إذ إن الشعر من المصادر الرئيسة التي استمد منها العلماء قواعد اللغة وأصولها. ولكنهم وجدوا فيه بعض الألفاظ والتراكيب التي تشذ عن هذه الأصول التي استنبطوها منه ومن كلام العرب المحتج بكلامهم فدفعهم ذلك إلى التأمل والتماس العلل.
ولأهمية هذا الموضوع واختلاف أقوال العلماء فيه رأيت أن أدلي دلوي فيه من خلال هذا البحث المقرون بتطبيق الضرورة على ألفية ابن مالك لكونها نظماً تسوغ فيه الضرائر من جهة، وما يعتقده صاحبُها من أن الضرورة (ما لا مندوحة للشاعر عنه بأن لم يمكنه الإتيان بعبارة أخرى) .
ولا أزعم أني أوفيت البحث حقَّه، كما لا أدعي خلّوه من الخطأ والثغرات، ولكن حسبي أني اجتهدت وبذلت وسعي ما استطعت. فإن وفقت للصواب فلله الحمد والمنة على توفيقه، وإن أخطأت أو قصَّرت فأسأله هَدْيَه وتوفيقه.
وفي الختام أتوجه بالشكر إلى الله عز وجل على أن وفقني لإتمام هذا البحث، وأسأله تعالى أن يجعل مابُذل فيه خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.