يريد: المنازل. فرخَّمه في غير النداء بحذف حرفين منه هما الزاي واللام.
وكقول العجاج:
واطناً مكةَ من وُرْقِ الحمَي
يريد: الحمام.
فلا يحسن بالشعراء الأخذ بمثال هذه الضرورات لقبحها، حتى وإن ارتكزت على شواهد معتبرة؛ لأن بتر اللفظ على هذا النحو يمسخ صورته المألوفة. كما أن الأخذ بمثل هذه الضرائر يفضي إلى اختلاط الصيغ وعدم وضوح القصد، وابتعاد الذهن عن الوصول إلى اللفظ بحدوده المعروفة.
فالأولى اقتصار الشاعر على الأخذ بالحسن من الضرورات، وهي التي يكون فيها الحذف أو الزيادة، أو التغيير الذي يطرأ ضمن القياس المعروفة نظائره، والذي يهدي فيه التركيب إلى المراد بسهولة لكثرة شواهده وأمثلته.
ثم إنه لا يجوز للشاعر أن يلحن لتسوية قافية ولا لإقامة وزن بأن يرفع منصوباً أو ينصب مخفوضاً، أو يحرك مجزوماً، ويسكن معرباً. وليس له أن يُخرج شيئاً عن لفظه إلا أن يكون يخرجه إلى أصل قد كان له فيرده إليه؛ لأنه كان حقيقته، ومتى وجد هذا في شعر كان خطأً ولحناً ولم يدخل في ضرورة الشعر.