وكما جاز أن يُبتدأ بنكرة بشرط حصول الفائدة وأمن اللبس كذلك يكون صاحب الحال نكرة بشرط وضوح المعنى، وأمن اللبس. ولا يكون ذلك في الأكثر إلا بمسوغ. قاله ابن مالك.
وأشهر ما ذكره النحويون من مسوغات تنكير صاحب الحال تخصيصُه بوصف أو بإضافة.
فمن الأول قول الحق تبارك وتعالى: {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أمْراً مِنْ عِنْدِنا} .
ومن الثاني قوله: {في أَرْبَعَةِ أيَّامٍ سَواءً للسَّائِلِينَ} .
ومن مسوغات تنكيره كذلك: تقدم الحال عليه نحو: جاءني ضاحكاً رجلٌ.
أو اعتماده على نفي كقوله تعالى: {ومَا أَهْلَكْنا مِن قَرْيَةٍ إلاّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ} .
أو نهي كـ"لا تعتب على صديقٍ غائباً".
وقد اختلف النحاة في مجيء الحال من النكرة دون مسوغ من المسوغات السابقة؛ فذهب سيبويه إلى أن ذلك مقيسٌ لا يُوقف فيه على ما ورد به السماع، وإن كان الإتباع في إعرابه صفةً أقوى.
ووجه ماذهب إليه سيبويه أن الحال إنما يؤتى بها لتقييد العامل، فلا معنى لاشتراط المسوغ في صاحبها.
وذهب ابن مالك إلى إن مجيء صاحب الحال نكرة خالية من المسوغات المذكورة جائز بقلة؛ لقوله في الألفية:
ولم يُنكَّرْ – غالباً - ذو الحال إنْ
لم يتأخر أو يُخصَّص أو يَبِنْ
من بعدِ نفيٍ أو مضاهيه كلا
يبغ امرؤٌ على امرىءٍ مستسهلاً
ولمَّا كان هذا مذهبه - في مجيء صاحب الحال نكرة - فقد جاء شيءٌ من ذلك في باب "الإبدال"إذ قال:
أحرفُ الإبدالِ هَدَأْتَ مُوطيا
فأبدلِ الهمزةَ من واوٍ ويا
آخراً اثر ألفٍ زِيد وفي
فاعِلِ ما أُعِلَّ عيناً ذا اقتُفي
قال الصبان (١٢٠٦هـ) :
"وله: "آخراً"جعله حالاً من المتعاطفين قبله، وإن أحوج إفراده إلى تأويلها بالمذكور، وإلى ارتكاب الحال من النكرة بلا مسوغ، وهو نادر".
وذهب ابن هشام إلى ما ذهب إليه ابن مالك.
أما أبو حيان فقد اختار مجيء الحال من النكرة بلا مسوغ كثيراً قياساً، وإن كان دون الإتباع في القوة.