للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرى ابن الشجري (٥٤٢هـ) والإسفراييني (٦٨٤هـ) أن مجيء الحال من النكرة دون مسوغ ضعيف.

وعدَّه ابن أبي الربيع ضعيفاً قبيحاً. وكذا عدَّه قبيحاً ابن القواس

(٦٩٦هـ) فقال:

إن خلت النكرة من مسوغ فمجيء الحال منها قبيح؛ لإمكان الحمل على الصفة مع المخالفة في الإعراب.

وقال عنه السيوطي (٩١١هـ) : نادر.

والصحيح عندي ما ذهب إليه سيبويه من صحة مجيء الحال من النكرة بلا مسوغ، وإن كان دون الإتباع في القوة؛ فقد ورد في كلام العرب شيئ من ذلك، كقولهم: فيها رجلٌ قائماً، وعليه مائةٌ عيناً.

وما حكاه يونس (١٨٢هـ) فيما سبق أن العرب تقول: مررت بماءٍ قعدةَ رجلٍ. ويُسِّهل ذلك أن الحال إنما يجاء بها لتقييد العامل، فلا ضرورة لاشتراط المسوغ في صاحبها.

تقديم الحال على عاملها غير المتصرف:

قال ابن مالك في باب "إعراب الفعل":

وبعدَ حتىَّ هكذا إضمارُ أنْ

حَتْمٌ كـ "جد حتى تَسُرَّ ذا حَزَنْ

فقوله: "إضمار": مبتدأ، و "حَتْمٌ" بمعنى واجب خبره، و"هكذا"في موضع الحال من "حتم"على أنه في الأصل نعت له قدم عليه فانتصب على الحال. والتقدير: إضمارُ أنْ بعد حتى هكذا فقدم الحال على عاملها، وهو غير متصرف، ولا شبيه به للضرورة.

قلت: مذهب جمهور النحويين أنه إذا كان العامل في الحال فعلاً متصرفاً نحو: أتيت مسرعاً، وزيد دعا مخلصاً فإنه يجوز تقديم الحال عليه. وكذلك إذا كان العامل صفةً تشبه الفعل المتصرف بأن كانت متضمنهً معنى الفعل، وحروفه، وقبول علاماته الفرعية من تأنيث، وتثنية، وجمع، فذا في قوة الفعل. ويستوي في ذلك اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة. نحو: راحل، ومقبول. فيجوز أن يقال: مسرعاً أتيت، وزيد مخلصاً دعا، وهو مسرعاً راحل، وأنت شاهداً مقبول.

قال ابن مالك:

والحالُ إن يُنصب بفعلٍ صُرِّفا

أو صفةٍ أشبهتِ المصرَّفا

فجائزٌ تقديمه كمسرعا

ذا راحلٌ، ومخلصاً زيدٌ دعا