للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدل المجيزون بجملة من الشواهد، منها قراءة بعضهم: {وَقَالُوا ما فِي بُطُونِ هذِه الأنعامِ خالِصَةً لِذكُورِنا ومُحَرَّمٌ على أَزْواجِنا} (١)

بنصب "خالصةً "على الحال المتوسطة بين المخبر عنه وهو "ما "والمخبر به وهو "لذكورنا".

أما المانعون فقد ردُّوا ذلك وتأولوه.

فمن أقوالهم: إن ما ورد من هذا قليل لا يُحفظ منه إلا هذا، وما لا بال له لقلته لا ينبغي القياس عليه.

ومن تخريجاتهم للآية أن "خالصة "معمولة للجار والمجرور قبلها على أنها حال من الضمير المستتر في صلة "ما " فهو العامل في الحال. وتأنيث "خالصة "باعتبار معنى "ما "؛ لأنها واقعة على الأجنَّة.

المذهب الثالث: الجواز بقوة إن كان الحال ظرفاً أو جاراً ومجروراً وبضعف إن كان اسماً صريحاً، وهو مذهب ابن مالك في التسهيل وشرحه.

المذهب الرابع: الجواز إذا كانت الحال من مضمر مرفوع نحو: أنت قائماً في الدار، والمنع إن كانت من ظاهر، وهو مذهب الكوفيين، فأجازوا أن يُقال في: "أنت في الدار قائماً ": في الدار قائماً أنت، وأنت قائماً في الدار.

والذي أميل إليه: أنه يجوز وقوع الحال بين المبتدأ والخبر في نحو: زيد في الدار قائماً، وزيدٌ عندك مقيماً. فيقال: زيدٌ قائماً في الدار، وزيد مقيماً عندك، وذلك لأمرين:

الأول: السماع. وله شواهد مبثوثة في كتب النحو وغيرها.

الثاني: أنه يتسع في الظرف والجار والمجرور ما لا يتسع في غيرهما.

تقديم الصفة على الموصوف:

وهو من الأشياء التي نصَّ النحاة على منعها.

وذهب بعضهم إلى أنه إذا تقدمت الصفة على الموصوف أُعربت - حينئذٍ - حسب موقعها وأُبدل منها الموصوف.


(١) هي قراءة ابن عباس بخلاف، والأعرج، وقتادة، وسفيان بن حسين، وابن جبير، والزهري.
(مختصر في شواذ القرآن ٤١، المحتسب ١/٢٣٢، البحر المحيط ٤/٢٣١) .