للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإخبار عن المصدر قبل تمام عمله:

قال ابن مالك في باب "الصفة المشبهة باسم الفاعل":

وعملُ اسمِ فاعلِ المُعدَّى

لها على الحدِّ الذي قد حُدَّا

أعرب المكودي "عمل"مبتدأ و"اسم فاعل"مضافاً إلى "المعدَّى". قال: "وهو على حذف الموصوف. والتقدير: فاعل الفعل المعدَّى. و "لها"في موضع خبر "عمل"، و"على الحدّ"متعلق بـ "عمل".

فقوله: "لها"في موضع خبر المبتدأ الذي هو "عمل"و"على الحدّ"متعلق بـ "عمل"فيه الإخبار عن المصدر قبل تمام عمله.

قد تقدمت الإشارة - قريباً - إلى أن المصدر المقدر بالحرف المصدري والفعل مع معموله كالموصول مع صلته وأنه لا يتقدم عليه ما يتعلق به كما لا يجوز تقديم شيء من الصلة على الموصول، ولا يفصل بينهما بأجنبي كما لا يفصل بين الموصول وصلته.

هذا رأي جمهور النحويين في هذه المسألة.

قال ابن مالك في الكافية الشافية:

وهو مع المعمول كالموصول مع

صلته فيما أُجيز وامتُنع

وبالندور احكم على الذي يرد

بغير ذا، أو حاول العذر تجدْ

وقال في التسهيل:

"ويُضمرُ عاملٌ فيما أوهم خلاف ذلك، أو يُعدُّ نادراً".

أي إن وقع ما يوهم خلاف ما ينبغي تُلطف له فيما يؤمن معه الخطأ ويُثبت به الصواب، من محاولة تخريجه على وجه مناسب ومحاولة إيجاد العذر، كالضرورة الشعرية. فإن لم يتأتَ كلُّ ذلك حُمل على النُّدرة.

فممَّا يوهم الفصل بأجنبي - مثلاً - قول الشاعر:

المنُّ للذمِّ داعٍ بالعطاءِ فلا

تمنن فتُلقى بلا حمد ولا مالِ

فإن من يسمع هذا البيت يسبق إلى ذهنه أن الباء الجارة لـ "العطاء"متعلقة بـ "المن"؛ ليكون التقدير: المنُّ بالعطاء داعٍ للذم، وعليه مدار المعنى. غير أن هذا التقدير ممتنع من جهة الإعراب؛ لأنه يلزم منه ارتكاب محذورين؛ أحدهما: الفصل بين المصدر ومعموله. والآخر: الإخبار عن المصدر قبل تمام عمله، أي فيما تعلق به من مجرور وغيره.