للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله: "للاسم"يُعرب خبراً مقدماً. و "تمييز": مبتدأ مؤخر. وجملة "حصل"في محل رفع صفة لـ "تمييز". ويلزم على هذا تقديم الصفة التي هي قوله: "بالجر"وما عطف عليه على الموصوف وهو قوله: "تمييز"، والصفة لا تتقدم على الموصوف، فمعمولها أولى بالمنع.

قلت: ذهب جمهور البصريين إلى أنه لا يجوز تقديم معمول الصفة على الموصوف، فلا يجوز أن يقال في: هذا رجلٌ يأكلُ طعامَك: هذا طعامَك رجلٌ يأكلُ.

وتبعهم في هذا ابن مالك فقال في الكافية الشافية:

وعَمَلَ التابعِ قبلَ ما تبع

لا توقِعَنْ ففعلُ ذاك ممتنعْ

وما نعوه علماءُ البصرهْ

وغيرهم أجاز دون كثرهْ

وأجاز ذلك الكوفيون، وتبعهم الزمخشري في قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ في أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَليغاً} قال: "فإن قلت: بم تعلق قوله: "في أنفسهم قلت: بقوله: "بليغاً"؛ أي قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم ... ".

واستثنى ابن مالك في التسهيل ما إذا كان النعت صالحاً لمباشرة العامل فإنه يجوز تقديمه، ولكن ليس من باب تقديم الصفة على الموصوف ولكن على جعل المنعوت بدلاً منه. ومثَّل في الشرح بقوله - عز وجل -: {إلى صِراطِ العَزيزِ الحَميدِ اللَّهِ} ففيه تقديم النعت وهو قوله: "العزيز الحميد"وجعل المنعوت - وهو لفظ الجلالة - بدلاً.

ومنه قول الشاعر:

ولكنِّي بليتُ بوصلِ قومٍ

لهم لحمٌ ومنكرة جسومُ

أي: وجسوم منكرة.

وقال ابن عصفور: "ولا يجوز تقديم الصفة على الموصوف إلاَّ حيث سمع، وذلك قليل".

والراجح هو ما ذهب إليه البصريون ومن تبعهم من عدم جواز تقديم معمول الصفة على الموصوف؛ لأن حق المعمول ألاَّ يحل إلا في موضع يحل فيه العامل، كما قال ابن مالك.

فأنت تقول: هذا رجلٌ مكرمٌ زيداً، ولا تقول: هذا زيداً رجلٌ مكرمٌ؛ لأن النعت لا يتقدم على المنعوت؛ لأنه تابع. ولعله يُتسامح في ذلك إذا كان معمولُ الصفة جاراً ومجروراً كما في آية النساء وبيت الألفية.

الفصل بين الصفة والموصوف بما هو أجنبي: