قال ابن مالك في باب "نعم وبئس"وما جرى مجراهما:
فِعلانِ غير متصرفين
نعم وبئس رافعان اسمينِ
أعرب المكودي قول الناظم: "فعلان"خبراً مقدماً، و"غير متصرفين"نعتاً له، و"نعم وبئس"هو المبتدأ، و"رافعان"نعت لفعلين كذلك. قال: ولا يجوز أن يكون قوله: "غير متصرفين"و"رافعان"أخباراً؛ لأنهما قيدٌ في فعلين، وليس المراد أن يخبر بهما عن "نعم وبئس".
وعقَّب عليه الأزهري بقوله: "يلزم منه الفصل بين الموصوف والصفة بالمبتدأ، وهو أجنبي من الخبر".
فمذهب جمهور النحويين أنه لا يجوز الفصل بين الموصوف والصفة بما ليس معمولاً لواحدٍ منهما، بل لم أقف على قول لأحد يجيز ذلك إلا في ضرورة الشعر.
نصَّ على ذلك ثُلةٌ من العلماء منهم ابن جني، وابن عصفور، وابن القواس، وأبو حيَّان.
فمن الفصل بين الصفة والموصوف بالأجنبي قول عروة بن الورد:
أقولُ لقومٍ في الكنيفِ تروَّحوا
عشية بتنا عند ماوان رُزّحِ
يريد: أقول لقوم رزّحٍ في الكنيف تروَّحوا عشية بتنا عند ماوان
وعليه فإن بيت ابن مالك الآنف الذكر يُعدُّ من هذا القبيل، حيث ألجأته ضرورة الشعر إلى الفصل بين الموصوف "فعلان"وصفته - وهي قوله: "غير متصرفين". وكذا قوله: "رافعان"- بالمبتدأ وهو أجنبي من الخبر، بمعنى أن المبتدأ ليس معمولاً للخبر. وهو الصحيح.
العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجارّ:
هذه المسألة من المسائل المختلف فيها؛ فجمهور البصريين، والفراء يرون أنه لا يجوز العطف على الضمير المجرور إلا بعد إعادة حرف الجر، فلا يجوز نحو: مررت بك وزيدٍ.
واحتجوا لمذهبهم بأدلة منها: أن الجار والمجرور بمنزلة شيء واحد، فإذا عطفت على الضمير المجرور فكأنك قد عطفت الاسم على الحرف الجارّ، من قِبل أن الضمير إذا كان مجروراً اتصل بالجار ولم ينفصل منه، ولهذا لا يكون إلا متصلاً، بخلاف ضمير المرفوع والمنصوب، وعطف الاسم على الحرف لا يجوز.