ويرى بعض البصريين أن كل ما لا ينصرف يجوز صرفه إلاَّ أن يكون آخره ألف تأنيث نحو: "بشرى"فإنه لا يجوز فيه ذلك.
واستثنى الكسائي والفراء "أفعل"الذي معه "مِنْ"كـ "هذا أفضل منك، ورأيت أكرم منك. فإنه لا يجوز صرفه.
وذكر بعضهم أن صرف ما لا ينصرف لغة عند قوم من النحاة. وقد أجاز ذلك في الكلام أحمد بن يحيى.
وزعم أبو الحسن الأخفش أنه سمع من العرب من يصرف في الكلام جميع ما لا ينصرف. كما حكى الزجاجي مثل ذلك.
ويرى ابن عصفور أن ذلك لغة الشعراء؛ (لأنهم قد اضطروا إليه في الشعر فصرفوه، فجرت ألسنتهم على ذلك. وأما سائر العرب فلا يجوز صرف شيء منه في الكلام فلذلك جعل من قبيل ما يختص به الشعر) .
وابن مالك مع جمهور النحويين في أنه يجوز للضرورة أو التناسب صرف جميع ما لا ينصرف.
قال في الألفية:
ولاضطرارٍ أو تناسبٍ صُرِفْ
ذو المنعِ، والمصروف قد لا ينصرفْ
وقد وردت بعض الألفاظ في الألفية مصروفة لأجل الضرورة مع أنَّ حقها المنع من الصرف.
من ذلك ما جاء في باب العلم، إذ قال:
من ذاك أمُّ عريطٍ للعقربِ
وهكذا ثعالةٌ للثعلب
فـ "ثعالة"علم لجنس الثعلب، وهو غير منصرف للعلمية وتاء التأنيث، إلاَّ أنه صرفه للضرورة.
ومنه صرف الناظم لكلمة "أحمد"وهو مستحق للمنع لأجل العلمية ووزن الفعل حين قال:
كذاك ذو وزنٍ يخصُّ الفعلا
أو غالبٍ كأحمدٍ ويعلى
وقال في باب: "جمع التكسير":
أفعِلةٌ أَفْعُلُ ثم فِعْلَهْ
ثُمَّت أفعالٌ جُموعُ قِلَّهْ
فـ "أفعلة"مستحق للمنع من الصرف للعلمية والتأنيث إلاَّ أن الناظم قد صرفه للضرورة.
وقال في الباب نفسه:
فَواعِلٌ لفَوْعَلٍ وفاعَلِ
وفاعِلاءَ مَعَ نحوِ كاهِلِ
فصرف كلمة "فواعل"للضرورة مع استحقاقها للمنع للسبب السابق.
وقال في باب "النسب":
وفَعَليٌّ في فَعِيلَةَ التُزم
وفُعَليٌّ في فُعَيْلَةٍ حُتم
فنوَّن "فُعَيْلَةٍ"للضرورة، مع أنها في الأصل ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث كذلك.