للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للثانِ والثالثِ أيضاً حُقِّقا

فقوله: "للثانِ"أصله: للثاني، بإثبات الياء غير أنه قد حذفها للضرورة.

وقال في باب "أبنية المصادر":

فأوَّلٌ لذي امتناع كأبى

والثانِ للذي اقتضى تقلُّبا

فهذا نظير سابقه، ومثلهما - كذلك - قوله في باب "عطف النسق ":

وانقُل بها للثانِ حكمَ الأولِ

في الخبر المثبتِ والأمر الجلي

وقد عدَّ سيبويه هذا وأمثاله من ضرائر الشعر، فقال في باب "ما يحتمل الشعر":

"اعلم أنه يجوز في الشعر ما لا يجوز في الكلام من صرف ما لا ينصرف ... وحذف ما لا يحذف".

أما مذهب أبي زكريا الفراء فهو أن كل ياءٍ أو واو تسكنان وما قبل الواو مضموم وما قبل الياء مكسور فإن العرب تحذفها وتجتزئ بالضمة من الواو وبالكسرة من الياء.

على أن هناك من أنكر على سيبويه وغيره من النحويين جعلهم هذا ونحوه من ضرورة الشعر؛ لأنه قد جاء في القرآن الكريم حذف الياء في غير رؤوس الآي، وقرأ به جمعٌ من القراء، كقوله - جل وعز - {مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً} ، وفي آيات غيرها كذلك (١)

وأمَّا ابن عصفور فيرى أن هذا لا يرد على النحويين ولا يلزمهم؛ من قبل أنهم أرادوا أنَّ من كانت لغته إثبات الياء في "الغواني"وأمثاله فإنه قد يحذفها في الضرورة للعلة المذكورة وهي تشبيه المضاف إليه والألف واللام بالتنوين.


(١) من الآية ١٧ من سورة الكهف.
وقد قرأ نافع وأبو عمرو بإثبات ياء "المهتدي " وصلاً وحذفها وقفاً. وأثبتها في الحالين يعقوب، ورويت عن قنبل من طريق ابن شنبوذ. وحَذَفَها الباقون في الحالين.
انظر: السبعة في القراءات ٣٩١، الدر المصون ٧/٤١٤، النشر ٢/٣٠٩، ٣١٦، الإتحاف ٢٨٨.