للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والراجح لديَّ أنه لا يدخل ضمن الضرائر الشعرية؛ لوقوعه في أفصح كلام هو القرآن الكريم؛ في رؤوس الآي وغيرها كقوله سبحانه وتعالى: {يَوْمَ التَّنادِ} ، و {يَوْمَ التَّلاقِ} (١) و {الكَبيرُ المُتَعَالِ} (٢) وقوله: {وَجِفَانٍ كالجَوابِ} (٣) فهذه الآيات في غير الوقف، ولو قيل: إن هذا يكثر في الشعر دون غيره لكان أولى. والله أعلم.

ويشير أبو العلاء المعري (٤٤٩هـ) إلى أن حذف الياء من المضاف إلى الظاهر أحسن من المضاف إلى المضمر؛ لأن الظاهر منفصل، والمضمر يجري مجرى ما هو من الاسم. وحذفها من المجرد من الألف واللام أشذُّ مما هي فيهما؛ لأن الألف واللام قد يسوغ معهما حذف الياء حتى قيل إنها لغة للعرب، وقد قرأ بها القراء.

تخفيفُ الحرفِ المُشَدَّد:

أجاز العلماء للشاعر تخفيف كل مثقل؛ فله أن يحذف في الشعر ما لا يجوز حذفه في الكلام لتقويم الشعر، كما أن له أن يزيد لتقويمه أيضاً (٤) فإذا حذف بقي ما يدل على أنه قد حذف منه مثله؛ لأن المشدد حرفان، فإذا تمَّ للشاعر الوزن بأحدهما حذف الآخر (٥) وسواء في ذلك الصحيح والمعتل (٦)

فمن التخفيف في الصحيح قول طرفة بن العبد:

أصحوتَ اليومَ أم شاقتك هِرْ

ومن الحبِّ جنونٌ مُسْتَعِرْ

فهو مضطر إلى حذف أحد الحرفين من "هرّ"لاستواء الوزن ومطابقة البيت، فقابل براءِ "هر"راء "مستعر"وهي خفيفة أصلاً.

ومن التخفيف في المعتل قول الراجز:

حتى إذا ما لم أجد غير السَّري

كنتُ امرءاً من مالك بنِ جعفرِ

فخفف ياء "السَّريّ"مضطراً أيضاً.


(١) من الآية ٣٢ من سورة غافر.
(٢) من الآية ١٥ من سورة غافر.
(٣) من الآية ٩ من سورة الرعد.
(٤) انظر: الكامل ٢/١٣٦٨.
(٥) انظر: ما يحتمل الشعر من الضرورة ٨٩.
(٦) انظر: الأصول ٣/٤٤٨، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٢٢.