بل إنَّ المخلوقَ عاجزٌ عن إدراك كنه كثير من المخلوقات وكيفيتها، فلأن يكون عن إدراك كنه صفات الباري وكيفيتها أعجز من باب أولى، قال رُسته: سمعتُ ابن مهدي يقول لفتى من ولد الأمير جعفر بن سليمان:"بلغني أنَّك تتكلّم في الرب، وتصفه وتشبهه. قال: نعم، نظرنا فلم نر من خلق الله شيئاً أحسن من الإنسان، فأخذ يتكلّم في الصفة، والقامة، فقال له: رُويدك يا بنيّ حتى نتكلّم أول شيء في المخلوق، فإن عجزنا عنه فنحن عن الخالق أعجز، أخبرني عمّا حدّثني شعبة، عن الشيباني، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} قال:"رأى جبريل له ستمائة جناح"، فبقي الغلام ينظر، فقال: أنا أُهوِّن عليك صِفْ لي خلقاً له ثلاثة أجنحة، وركّب الجناح الثالث منه موضعاً حتى أعلم، قال: يا أبا سعيد عجزنا عن صفة المخلوق، فأُشهدك أني قد عجزتُ ورجعتُ".