للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله - تبارك وتعالى - لم يكلّف عباده ولم يأمرهم بالبحث عن كيفية صفاته ولا أراد منهم ذلك، بل لم يجعل لهم سبيلاً إليه،"ولهذا لمّا سئل مالك وغيره من السلف عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} قالوا: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وكذلك قال ربيعة شيخ مالك قبله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، ومن الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا الإيمان.

فبيَّن أنَّ الاستواء معلوم، وأنَّ كيفية ذلك مجهول، ومثل هذا يوجد كثيراً في كلام السلف والأئمة، ينفون علم العباد بكيفية صفات الله، وأنَّه لا يعلم كيف الله إلاَّ الله، فلا يعلم ما هو إلاَّ هو، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك"، وهذا في صحيح مسلم وغيره، وقال في الحديث الآخر:"اللهم إني أسألك بكلّ اسم هو لك سمّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك"، وهذا الحديث في المسند وصحيح أبي حاتم، وقد أخبر فيه أنَّ لله من الأسماء ما استأثر به في علم الغيب عنده".