وقد حرّر علماء البلاغة في مبحث الاستعارة التبعية أنه ينحل عن مصدر وزمن ونسبة، فالمصدر كامن في مفهومه إجماعاً، فـ"يحيطون"في مفهومها الإحاطة، فيتسلّط النفي على المصدر الكامن في الفعل فيكون معه كالنكرة المبنية على الفتح، فيصير المعنى: لا إحاطة للعلم البشري برب السموات والأرض، فينفي جنس أنواع الإحاطة عن كيفيتها، فالإحاطة المسندة للعلم منفية عن رب العالمين، فلا يشكل عليكم بعد هذا صفة نزول ولا مجيء ولا صفة يد ولا أصابع ولا عجب ولا ضحك؛ لأنَّ هذه الصفات كلّها من باب واحد، فما وصف الله به نفسه منها فهو حق، وهو لائق بكماله وجلاله لا يشبه شيئاً من صفات المخلوقين، وما وُصف به المخلوقون منها فهو حق مناسب لعجزهم وفنائهم وافتقارهم، وهذا الكلام الكثير أوضحه الله في كلمتين {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} تنزيه بلا تعطيل، {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} إيمان بلا تمثيل، فيجب من أول الآية وهو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} التنزيه الكامل الذي ليس فيه تعطيل، ويلزم من قوله:{وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} الإيمان بجميع الصفات الذي ليس فيه تمثيل، فأول الآية وآخرها إيمان، ومن عمل بالتنزيه الذي في {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} والإيمان الذي في قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وقطع النظر عن إدراك الكنه والكيفية المنصوص في قوله: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} خرج سالماً".
وروى أحمد وأبو داود وغيرهما عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -:"أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات".
قال عيسى بن يونس:"والأغلوطات ما لا يحتاج إليه من كيف وكيف".
وقال الخطابي:"وفيه كراهية التعمّق فيما لا حاجة للإنسان إليه من المسائل ووجوب التوقّف عمّا لا علم للمسؤول به".